الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 378 ] فصل ( في صيانة المساجد وآدابها وكراهة زخرفتها ) .

يسن أن يصان كل مسجد عن كل وسخ وقذر وقذاة ومخاط وبصاق فإن بدره فيه أخذه بثوبه ذكره في الرعاية ، وذكر أيضا أنه يسن أن يصان عن تقليم الأظفار وقال ابن عقيل ويكره إزالة الأوساخ في المساجد كتقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط .

وقال في المستوعب وغيره يستحب تنزيه المسجد عن القذاة ، والبصقة في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها فإن كانت على حائطه وجب إزالتها ويستحب تخليق موضعها لفعله عليه السلام .

وتكره زخرفته بذهب أو فضة ، أو نقش ، أو صبغ أو كتابة ، أو غير ذلك مما يلهي المصلي عن صلاته غالبا وينبغي أن يقال إن كان ذلك من مال الوقف حرم ووجب الضمان .

وذكر في الرعاية في موضع آخر سيأتي في اللباس أنه هل يحرم تحلية المسجد بذهب ، أو فضة وتجب إزالته وزكاته بشرطها أو يكره على قولين وقدم الأول ، وعند الحنفية لا بأس بتحلية المسجد بذهب ونحوه لأنه تعظيم له ومنهم من استحبه لذلك ، وعند المالكية يكره ذلك ويصان المسجد عنه وهو قول بعض الحنفية ذكره صاحب المفيد منهم وللشافعية في تحريمه وجهان .

وأول من ذهب الكعبة في الإسلام وزخرف المساجد الوليد بن عبد الملك لما بعث إلى خالد بن عبد الله القسري ، والي مكة حينئذ فيضعف قول بعض الحنفية عمن قال بالكراهة هم محجوجون بإجماع المسلمين في الكعبة قال الحنفية : والمتولي على المسجد إذا فعل ما يرجع إلى النقش ، والزينة من مال الوقف ضمن ويصان عن تعليق مصحف ، أو غيره في قبلته دون وضعه بالأرض .

قال جعفر بن محمد أبو عبد الله الكوفي : سمعت أحمد يقول : يكره أن يعلق [ ص: 379 ] في القبلة شيء يحول بينه وبين القبلة ولم يكره أن يوضع في المسجد المصحف ، أو نحوه . ويسن أن يصان عن بيع وشراء فيه نص عليهما . ويحرمان قدمه في الرعاية ، وقطع به في الشرح في آخر كتاب الاعتكاف وقيل : بل يكرهان قطع به في الفصول ، والمستوعب وقطع به في الشرح في آخر كتاب البيع وحكي عن بعض العلماء أنه لا بأس به فعلى التحريم في الصحة وجهان وقطع في الوسيلة بأنه لا يجوز .

وقال نص عليه في رواية حنبل فقال : لا أرى للرجل إذا دخل المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر ، والتسبيح فإن المساجد إنما بنيت لذلك ، والصلاة فإذا فرغ من ذلك خرج إلى معاشه وإنما هذه بيوت الله لا يباع فيها ولا يشترى ، وكذا ذكره القاضي وابنه أبو الحسين وقال ابن هبيرة منع من صحته وجوازه أحمد .

وقال أبو حنيفة البيع جائز ويكره إحضار السلع في المسجد وقت البيع وينعقد مع ذلك ، وأجازه مالك ، والشافعي مع الكراهة وقال ابن بطال أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه ، كذا قال .

التالي السابق


الخدمات العلمية