الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 380 ] فصل ( في صيانة المسجد من الحرف والتكسب والترخص في الكتابة والتعليم ) .

ويسن أن يصان عن عمل صنعة نص عليه قال في المستوعب وغيره سواء كان الصانع يراعي المسجد بكنس أو رش ونحوه ، أو لم يكن انتهى كلامه قال حرب سئل أحمد عن العمل في المسجد نحو الخياط وغيره يعمل ؟ فكأنه كرهه ليس بذاك الشديد .

وقال المروزي سألت أبا عبد الله عن الرجل يكتب بالأجر فيجلس في المسجد فقال أما الخياط وأشباهه فما يعجبني إنما بني المسجد ليذكر الله فيه وكره البيع ، والشراء فيه وقال في رواية الأثرم ما يعجبني مثل الخياط ، والإسكاف وما أشبهه وسهل في الكتابة فيه وقال وإن كان من غدوة إلى الليل ، فليس هو كل يوم .

وقال القاضي سعد الدين الحراني من أصحابنا خص الكتابة لأنها نوع تحصيل للعلم في معنى الدراسة وهذا يوجب التقييد بما لا يكون تكسبا وإليه أشار بقوله فليس ذلك كل يوم انتهى كلامه . وظاهر ما نقل الأثرم التسهيل في الكتابة فيه مطلقا لما فيه من تحصيل العلم وتكثير كتبه وينبغي أن يخرج على هذا والذي قبله تعليم الصبيان الكتابة في المسجد بالأجرة وتعليمهم تبرعا جائز كتلقين القرآن وتعليم العلم وهذا كله بشرط أن لا يحصل ضرر بحبر وما أشبه ذلك ، وفي نوادر ابن الصيرفي لا يجوز التعليم في المساجد .

وقال صالح لأبيه تكره الخياطين في المساجد قال إي لعمري شديدا ، وكذا رواه ابن منصور ، وهذا يقتضي التحريم ورواية حرب الكراهة فهاتان روايتان عن الإمام أحمد في تحريم الصنائع وكراهتها في المساجد وسيأتي في الفصل الثالث تحريم ذلك في كلام أبي عبد الله بن بطة .

وقال في رواية عبد الله لا ينبغي أن تتخذ المساجد حوانيت ولا مقيلا ولا مبيتا [ ص: 381 ] إنما بنيت للصلاة ولذكر الله وبالمنع قال الشافعي وإسحاق ويقتضيه مذهب مالك وغيره ، وذكر ابن عقيل أنه يكره في المساجد العمل ، والصنائع كالخياطة ، والخرز ، والحلج ، والتجارة وما شاكل ذلك إذا كثر ، ولا يكره ذلك إذا قل مثل رقع ثوبه أو خصف نعله .

وحكى صاحب الشفاء المالكي عن بعض مشايخه إنما يمنع في المسجد من عمل الصنائع التي يختص بنفعها آحاد الناس ولا يكتسب فيه ولا يتخذ المسجد ، متجرا فأما الصنائع التي يشمل نفعها المسلمين في دينهم مما لا امتهان للمسجد في عمله فلا بأس به ، وقد منع بعض العلماء من تعليم الصبيان في المسجد قال وحكى بعضهم خلافا في تعليم الصبيان فيها ويسن أن يصان عن صغير ، أطلقوا العبارة ، والمراد ، والله أعلم إذا كان صغيرا لا يميز لغير مصلحة ولا فائدة ، وعن مجنون حال جنونه .

التالي السابق


الخدمات العلمية