الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
قال غير واحد من المفسرين في قوله :

{ ثم يتوبون من قريب } إن المراد به التوبة في الصحة ولا يصح هذا عن ابن عباس لأنه من رواية أبي صالح واسمه باذام ولم يرو عنه على أن مرادهم معاينة ملك الموت عليه السلام كما قال غير واحد من المفسرين وهي رواية علي بن أبي طلحة الوالي عن ابن عباس وقال غير واحد من المفسرين المراد به التوبة قبل الموت .

ويروى عن ابن عمر في قوله تعالى : { حتى إذا حضر أحدهم الموت } أنه السوق ، وقيل معاينة الملائكة لقبض الروح . ويروى عن عبد الله بن عمر من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ولم يرد أن الساعة ضابط إنما أراد والله أعلم نفي ما يتوهم من قوله في الآية { من قريب } وقد أخبر تعالى عن فرعون لعنه الله أنه لما أدركه الغرق

{ قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل [ ص: 114 ] وأنا من المسلمين } .

قال تعالى : { آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين } وقد ذكر ابن الأنباري أن فرعون جنح إلى التوبة في غير وقتها عند حضور الموت ومعاينة الملائكة وأضاعها في وقتها . وقد قال تعالى : { إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم } يعني حين لا ينفعهم .

{ فلولا كانت قرية آمنت } .

روي عن ابن عباس وغيره أي لم تكن قرية آمنت . وذكر أهل اللغة أن لولا بمعنى هلا وأن الاستثناء منقطع . وعن أبي عبيدة أن المعنى وقوم يونس وأنكره الفراء ، وقيل الاستثناء يتعلق بقوله : { حتى يروا العذاب الأليم } .

فيكون متصلا ، وذكر أبو البقاء أنه منقطع لأنه مستثنى من القرية والقوم ليس من جنس القرية ، وقيل متصل لأن المعنى أهل القرية ، وقيل هذا من الله عز وجل خص به قوم يونس ، وقيل لأن العذاب لم يباشرهم بل دنا منهم بخلاف غيرهم ، وقيل لصدقهم وإخلاصهم ، وقد قال تعالى عن الأمم المكذبة :

{ فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } أي عاينوا العذاب . { سنت الله التي قد خلت في عباده } .

التالي السابق


الخدمات العلمية