غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
وبعد فإني سوف أنظم جملة من الأدب المأثور عن خير مرشد ( وبعد ) الواو نائبة عن أما ، وأما نائبة عن مهما .

وبعد كلمة يؤتى [ ص: 34 ] بها عند إرادة الانتقال من أسلوب إلى غيره ، أي بعد حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه رضوان الله عليهم . ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقولها في خطبه ومكاتباته إلى الملوك وغيرهم كما هو معروف ، مثل كتابه إلى قيصر عظيم الروم ، وكسرى عظيم الفرس ، والمقوقس صاحب مصر ، وغيرهم .

وذكر الإمام القاضي علي بن سليمان علاء الدين المرداوي في شرح التحرير أنه نقل إتيانه صلى الله عليه وسلم بأما بعد في خطبه ونحوها خمسة وثلاثون صحابيا . والمشهور أنها ظرف زمان ، وربما استعملت ظرف مكان . وتقطع عن الإضافة فتبنى إذا نوى معنى المضاف إليه ، كقوله تعالى { لله الأمر من قبل ومن بعد } وإذا قطعت عن الإضافة رأسا أعربت كقول الشاعر :

    وساغ لي الشراب وكنت قبلا
أكاد أغص بالماء الفرات

فإن بعد كقبل ، وإن ذكر المضاف إليه أعربت كما إذا حذف ونوى ثبوت لفظه ، كما في قول الشاعر :

ومن قبل نادى كل مولى قرابة     فما عطفت مولى عليه العواطف

بجر قبل لأنه نوى ثبوت لفظه ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية