غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( و ) لا غرم أيضا في إتلاف آلة ( سحر ) لأنه من أكبر الكبائر ( و ) لا غرم أيضا في إتلاف آلة ( نحوه ) أي نحو السحر كالتعزيم والحصى الذي يتخذ لذلك لأنه ملحق بالسحر ، وهو قول على الله بلا علم ، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا . وفي قوله تعالى {وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما [ ص: 249 ] نحن فتنة فلا تكفر } دلالة على كفر السحرة ، وهو منصوص الإمام أحمد رضي الله عنه .

وفي البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { اجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله وما هن ؟ قال الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات } .

وروى عنه النسائي مرفوعا { من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ، ومن سحر فقد أشرك ، ومن تعلق بشيء وكل إليه } .

وأخرج البزار بإسناد جيد عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ليس منا من تطير أو تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له ، ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم } . ورواه الطبراني من حديث ابن عباس بإسناد حسن دون قوله ومن أتى إلخ .

وروى البزار أيضا عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { من أتى كاهنا فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم } إسناده جيد قوي .

والطبراني من رواية أنس مرفوعا { من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم . ومن أتاه غير مصدق لم تقبل له صلاة أربعين ليلة } .

قال الحافظ المنذري : الكاهن هو الذي يخبر عن بعض المغيبات والمضمرات فيصيب بعضها ويخطئ أكثرها ، ويزعم أن الجن تخبره بذلك .

وروى الطبراني بإسنادين أحدهما ثقات عن أبي الدرداء مرفوعا { لن ينال الدرجات العلا من تكهن أو استقسم أو رجع من سفر تطيرا } .

وروى مسلم عن صفية بنت أبي عبيد عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال { من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما } .

[ ص: 250 ] قال الحافظ المنذري : العراف بفتح العين المهملة وتشديد الراء كالكاهن ، وقيل هو الساحر . وقال البغوي : العراف هو الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها ، كالمسروق من الذي سرقه ، ومعرفة مكان الضالة ونحو ذلك . ومنهم من سمى المنجم كاهنا . انتهى .

ويدل على أن العراف غير الكاهن ما روى أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرطهما عن أبي هريرة مرفوعا { من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم } . وقال ابن مسعود رضي الله عنه { من أتى عرافا أو ساحرا أو كاهنا فسأله فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم } . ورواه الترمذي وأبو يعلى بإسناد جيد موقوفا . ورواه الطبراني بلفظ { يؤمن بما يقول } ورواته ثقات .

وأخرج أبو داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد } .

وأخرج أبو داود والنسائي وابن حبان في صحيحه عن قطن بن قبيصة عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { العيافة والطيرة والطرق من الجبت } قال أبو داود : الطرق الزجر ، والعيافة الحظ . انتهى . وقال ابن فارس : الطرق الضرب بالحصى وهو جنس من التكهين وهو بفتح الطاء وسكون الراء . والجبت بكسر الجيم كل ما عبد من دون الله تعالى . .

التالي السابق


الخدمات العلمية