غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : للمسلم على المسلم أن يستر عورته .

( الثاني ) : مما للمسلم على المسلم أن يستر عورته ، ويغفر زلته ، ويرحم عبرته ويقيل عثرته ، ويقبل معذرته ، ويرد غيبته ، ويديم نصيحته ، ويحفظ خلته ، ويرعى ذمته ، ويجيب دعوته ، ويقبل هديته ، ويكافئ صلته ، ويشكر نعمته ، ويحسن نصرته ، ويقضي حاجته ، ويشفع مسألته ويشمت عطسته ، ويرد ضالته ، ويواليه ولا يعاديه ، وينصره على ظالمه ، ويكفه عن ظلم غيره ، ولا يسلمه ، ولا يخذله ، ويحب له ما يحب لنفسه .

ذكره ابن حمدان في الرعاية ، وليس على المسلم نصح الذمي ، نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه .

قال أصحابنا : ويستحب الكف عن مساوئ الناس وعيوبهم ، كذا عباراتهم .

قال الحجاوي : والأولى يجب وهو كما قال زاد في الرعاية التي [ ص: 267 ] يسرونها ، وعما يبدو منهم غفلة أو غلبة من كشف عورة أو خروج ريح ، أو صوت ريح ، ونحو ذلك فإن كان في جماعة فالأولى للسامع أن يظهر طرشا أو غفلة أو نوما أو يتوضأ هو وغيره سترا لذلك . انتهى .

قال المهدوي في تفسيره : لا ينبغي لأحد أن يتجسس على أحد من المسلمين ، فإن اطلع منه على ريبة وجب أن يسترها ويعظه مع ذلك ويخوفه بالله . قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : الكيس العاقل هو الفطن المتغافل .

وقال بعضهم :

وإني لأعفو عن ذنوب كثيرة وفي دونها قطع الحبيب المواصل     وأعرض عن ذي اللب حتى كأنني
جهلت الذي يأتي ولست بجاهل

وأنشد الإمام ابن الجوزي في المعنى :

ومن لم يغض عينه عن صديقه     وعن بعض ما فيه يمت وهو عائب
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة     يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب

هذا كله في هجران أرباب المعاصي .

التالي السابق


الخدمات العلمية