غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
وحل عناق للملاقي تدينا ويكره تقبيل الفم افهم أو قيد ( وحل ) لكل من المتلاقين من سفر ( عناق ) بكسر العين المهملة وهو الالتزام . يقال : عانقه إذا جعل يديه على عنقه وضمه إلى نفسه ( ل ) لشخص المسلم ( الملاقي ) غيره من سفر ، ولا فرق بين أن يبدأ بالعناق القادم من السفر أو المقيم للقادم كما لا يخفى ، وأما لغير القدوم من السفر فظاهر النظم كالإرشاد لا يطلب .

قال في الإرشاد المعانقة عند القدوم من السفر حسنة . قال الشيخ فقيدها بالقدوم من السفر . وأطلق القاضي ، والمنصوص في السفر انتهى .

وقال أبو المعالي : تستحب زيارة القادم ومعانقته والسلام عليه . قال الإمام رضي الله عنه لما سئل عن المعانقة والقيام : أما إذا قدم من سفر فلا أعلم به بأسا إذا كان على التدين يحبه لله أرجو لحديث جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتنقه وقبله بين عينيه .

وقد قال الشعبي كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا التقوا صافحوا بعضهم ، فإذا قدموا من سفر عانق بعضهم بعضا ، وتقدم في حديث { أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عانقه } ، وكذا في حديث زيد بن حارثة .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أكلمه حتى جاء سوق [ ص: 338 ] بني قينقاع ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة رضي الله عنها فقال : أثم لكع أثم لكع يعني حسنا فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخابا فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه } .

قوله في الحديث في طائفة أي قطعة منه ، وقينقاع بتثليث النون . ولكع هنا الصغير . والخباء بكسر الخاء والمد بينهما باء موحد .

والسخاب بكسر السين جمعه سخب : القلادة من القرنفل والمسك والعود ونحوها من أخلاط الطيب يعمل على هيئة السبحة ويجعل قلادة للصبيان والجواري .

وقيل هو خيط سمي سخانا لصوت خررة عند حركته من السخب بفتح السين المهملة والخاء المعجمة ، ويقال : الصخب بالصاد المهملة وهو اختلاط الأصوات ، وفي الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم { ولا صخاب في الأسواق } وفي حديث جبريل لخديجة { وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا وصب } وفيه لباس الصبيان القلائد والسخب من الزينة وتنظيفهم لا سيما عند لقاء أهل الفضل وملاطفة الصبي والتواضع له .

التالي السابق


الخدمات العلمية