غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في بيان ذوي الرحم الذين يجب صلتهم

ومعلوم أن الشرع لم يرد صلة كل رحم وقرابة ، إذ لو كان ذلك لوجب صلة جميع بني آدم ، فلم يكن بد من ضبط ذلك بقرابة تجب صلتها وإكرامها ويحرم قطعها ، وتلك قرابة الرحم المحرم . وقد نص عليه بقوله صلى الله عليه وسلم { لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على بنت أخيها وأختها فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم } قال الإمام ابن مفلح في آدابه الكبرى : وهذا الذي ذكره أبو الخطاب من أنه لا تجب إلا صلة الرحم المحرم اختاره بعض العلماء .

ونص الإمام أحمد : تجب صلة الرحم محرما كان أو لا . وظاهر كلام أبي الخطاب لا يكفي في صلة الرحم مجرد السلام . وكلام الإمام أحمد ظاهره الاكتفاء . قال مثنى : قلت لأبي عبد الله الرجل يكون له القرابة من النساء فلا يقومون بين يديه فأي شيء يجب عليه من برهم وفي كم ينبغي أن يأتيهم ؟ قال اللطف والسلام .

وفي الحديث { بلوا أرحامكم ولو بالسلام } رواه البزار من حديث ابن عباس مرفوعا والطبراني من حديث أبي الطفيل والبيهقي من حديث أنس رضي الله عنهم .

وقال الفضل بن عبد الصمد لأبي عبد الله : رجل له إخوة وأخوات بأرض غصب ترى أن يزورهم ؟ قال نعم يزورهم ويراودهم على الخروج منها ، فإن أجابوا إلى ذلك وإلا لم يقم معهم ولا يدع زيارتهم .

[ ص: 354 ] الثاني ) : الرحم بوزن كتف وفيه اللغات الأربع في الفخذ ، وهي فتح الراء وكسر الحاء وكسر الراء بوزن إبل ويجوز إسكان الحاء مع فتح الراء وكسرها قال ابن سيده وغيره من أهل اللغة : وهذه اللغات الأربعة جائزة في كل اسم أو فعل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور كشهد لا فيما لامه حرف حلق كبلغ أو كان حرف الحلق فاؤه كحرف . قال ابن عباد : وهو بيت منبت الولد ووعاؤه في البطن .

وقال الجوهري رحم الأنثى وهي مؤنثة ، والرحم القرابة قال صاحب المطالع : يقال رحم ورحم وهي معنى من المعاني وهي النسب والاتصال الذي يجمع رحم والده فسمي المعنى باسم ذلك المحل تقريبا للأفهام ، واستعارة جارية في فصيح الكلام ، ليفهم الخلق عظيم حقها ، ووجوب صلة المتصفين بها ، وعظيم الإثم في قطعها ، وبذلك سمي قطيعا لأنه قطع تلك الصلة . انتهى .

وفي القاموس : الرحم بالكسر وككتف بيت منبت الولد ووعاؤه والقرابة أو أصلها وأسبابها جمعها أرحام . انتهى .

قال في المطلع يطلق ذو الرحم على كل قرابة وعلى من ليس بذي فرض ولا عصبة انتهى . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية