غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : قطيعة الرحم من الكبائر

( الثالث ) : قطيعة الرحم من الكبائر . وقد ذكرها الحجاوي في منظومته المشتملة على الكبائر الواقعة في إقناعه ، وقد شرحتها شرحا لطيف الحجم ، غزير الفوائد والعلم .

قال فيها : وأمن لمكر الله ثم قطيعة لذي رحم والكبر والخيلا اعدد وقد قال تعالى { فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم } وتقدم كلام البلباني في ذلك .

وأخرج الإمام بسند رواته ثقات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم } .

[ ص: 355 ] وروى ابن حبان وغيره عن أبي موسى رضي الله عنه مرفوعا { ثلاثة لا يدخلون الجنة : مدمن الخمر ، وقاطع الرحم ، ومصدق بالسحر } .

وأخرج الشيخان والترمذي وغيرهم عن جبير بن مطعم رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول { لا يدخل الجنة قاطع } قال سفيان يعني قاطع رحم .

وأخرج الطبراني عن الأعمش قال : كان ابن مسعود جالسا بعد الصبح في حلقة فقال " أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا فإنا نريد أن ندعو ربنا وإن أبواب السماء مرتجة دون قاطع رحم . والمرتجة بضم الميم وفتح التاء المثناة فوق وتخفيف الجيم المغلقة .

وورد في عدة أخبار أن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم ، وأن الملائكة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم . قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري : قال الطيبي : يحتمل أن يراد بالقوم الذين يساعدونه على قطيعة الرحم ولا ينكرون عليه . ويحتمل أن يراد بالرحمة المطر ، وأنه يحبس عن الناس عموما بشؤم التقاطع . انتهى .

قلت : وظاهر صنيع ابن مسعود يدل على رحمة أخص من المطر ، وعلى عموم من حضر المجلس الذي فيه قاطع رحم كما يظهر بالتأمل .

التالي السابق


الخدمات العلمية