غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : لو أمره أبوه بتناول المشتبه هل تجب طاعته ؟ .

( الخامسة ) : لو أمره والده بتناول المشتبه هل تجب عليه طاعته أو لا تجب ، ينبغي أن يبنى على جواز تناوله وعدمه ، والذي استقر عليه المذهب عدم الحرمة بل يكره ذلك ، وقوة الكراهة فيه وضعفها بحسب كثرة الحرام وقلته ، وهذا الذي قدمه الأزجي وغيره ، وجزم به في المغني وغيره ، وقطع به في الإقناع وغيره .

وعن أبي هريرة مرفوعا { إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه ، وإن سقاه شرابا من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأل عنه } رواه الإمام أحمد .

وروى جماعة من حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كميل عن ذر بن عبد الله عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأله فقال : لي جار يأكل الربا ولا يزال يدعوني ، فقال مهنأه لك وإثمه عليه . قال الثوري : إن عرفته بعينه فلا تأكله . ومراد ابن مسعود وكلامه لا يخالف هذا .

وروى جماعة أيضا عن سلمان رضي الله عنه قال : إذا كان لك صديق عامل فدعاك إلى طعام فاقبله فإن مهنأه لك وإثمه عليه .

وقال منصور قلت لإبراهيم النخعي : عريف لنا يصيب من الظلم ويدعوني فلا أجيبه ، فقال إبراهيم : للشيطان غرض بهذا ليوقع عداوة ، قد كان العمال يهمطون ويصيبون ثم يدعون فيجابون . قلت نزلت بعامل فنزلني وأجازني ، قال أقبل قلت فصاحب رباء ، قال أقبل ما لم تره بعينه .

قال الجوهري : الهمط الظلم والأخذ بلا تقدير . قال في الآداب الكبرى : ولأن الأصل الإباحة ، وكما لو لم يتيقن محرما فإنه لا يحرم بالاحتمال وإن تركه أولى . قال وينبني على هذا حكم معاملته وقبول هديته وضيافته ونحو ذلك ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية