غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : : في قراءة القرآن بالألحان .

وكره الإمام أحمد رضي الله عنه قراءة الألحان وقال هي بدعة . وفي الحديث في أشراط الساعة { أن يتخذ القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأقرئهم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم غناء } . وقال رضي الله عنه في رواية يعقوب : لا يعجبني أن يتعلم الرجل الألحان إلا أن يكون حزمه مثل حزم أبي موسى .

وفي لفظ إلا أن يكون ذلك حزمه فيقرأ بحزن مثل صوت أبي موسى . وذكر الشافعي رضي الله عنه في موضع : أكره القراءة بالألحان ، وفي موضع : لا أكرهها .

[ ص: 398 ] وقال القاضي عياض : اختلفوا في القراءة بالألحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم . وأباحها أبو حنيفة وجماعة من السلف للأحاديث ، ولأن ذلك سبب للرقة وإثارة الخشية وإقبال النفوس على استماعه . وقال شيخ الإسلام قدس الله روحه : قراءة القرآن بصفة التلحن الذي يشبه تلحن الغناء مكروه مبتدع ، نص على ذلك مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من الأئمة رضي الله عنهم . وفي الإقناع : فإن حصل معها أي الألحان تغير نظم القرآن وجعل الحركات حروفا حرم .

ولا يكره الترجيع وتحسين القراءة بل ذلك مستحب لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا { ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به } رواه البخاري .

وقال صلى الله عليه وسلم { زينوا القرآن بأصواتكم } وقال { ليس منا من لم يتغن بالقرآن } قالت طائفة من العلماء : معناه تحسين قراءته وترنمه به ورفع صوته بها . وذكر أبو عبيدة وجماعة يتغنى به . .

التالي السابق


الخدمات العلمية