غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
ومن جملة حفظ العلم الذي أودعه الله عند حامله أن يمتثل أمر الله فيه ، فإن الله تعالى أودع العلم من شاء من عباده وأمرهم ببذله للناس ، وتوعدهم على كتمانه فقال { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } وقال : { إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب } الآية . وقال { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } .

[ ص: 52 ] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار } رواه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي ورواه الحاكم بنحوه وقال صحيح على شرط الشيخين . وفي رواية ابن ماجه { ما من رجل يحفظ علما فيكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجوما بلجام من نار } .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله وإن الله سائلكم } رواه الطبراني في الكبير ، قال الحافظ المنذري : ورواته ثقات إلا أن أبا سعيد البقال واسمه سعيد بن المرزبان فيه خلاف وقال في باب ذكر الرواة : سعيد بن المرزبان أبو سعد البقال قال الفلاس : متروك الحديث . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو زرعة : صدوق مدلس .

واعلم أن الأمانة تضمن بالتعدي أو التفريط ، والتعدي في العلم يشمل كتمانه عن من يستحقه فيلجمه الله بلجام من نار ، ويشمل أن يتخذه سلما يتوصل به إلى تناول الدنيا وشبكة يصطاد بها حطامها ، ويشمل عدم الإخلاص فيه . أما كتمانه فقد ذكرنا دليله .

التالي السابق


الخدمات العلمية