غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : إذا ترك العاطس الحمد هل يستحب تذكاره أم لا ؟

( تنبيه ) : ظاهر النظم أن العاطس إذا نسي أن يحمد الله لم يذكر ، وبه جزم في الإقناع . وفي الغاية ولا يذكر ناس ولا بأس بتذكيره . واحتمال إرادة الناظم بقوله وأمره يحمد الصبي والكبير إذا لم يحمد الله تعالى إما لنسيان أو غيره كما قال الحجاوي رحمه الله بعيد ; لأن الضمير يعود للطفل كما لا يخفى . نعم يعلم قريب عهد بالإسلام ونحوه الحمد كصغير .

وقال الإمام ابن القيم قدس الله روحه : اختلف الناس في مسألتين :

( الأولى ) إذا ترك العاطس الحمد هل يستحب لمن حضره أن يذكره الحمد ؟ قال ابن العربي : لا يذكره وهذا جهل من فاعله . وقال النووي : أخطأ من زعم ذلك بل يذكره ; لأنه مروي عن النخعي وهو من التعاون على البر والتقوى . قال ابن القيم : وظاهر السنة تقوي قول ابن العربي ; لأن [ ص: 452 ] النبي صلى الله عليه وسلم لم يشمت الذي لم يحمد الله ولم يذكره . وهذا تعزير له وحرمان لتركه الدعاء لما حرم نفسه بتركه الحمد فنسي الله تعالى فصرف قلوب المؤمنين وألسنتهم عن تشميته والدعاء له ، ولو كان تذكيره سنة لكان النبي صلى الله عليه وسلم أولى بفعلها وتعليمها والإعانة عليها .

( الثانية ) : أن العاطس إذا حمد الله فسمعه بعض الحاضرين دون بعض هل يسن لمن يسمعه تشميته ؟ فيه قولان ، والأظهر أنه يشمته . انتهى .

قلت والمذهب في هذه المسألة أن تشميته على من سمع فرض كفاية إن كانوا اثنين فصاعدا ، وإلا ففرض عين والله أعلم .

وذكر في شرح الإقناع كالآداب الكبرى في المسألة ما يؤيد أنه ينبغي تذكير من نسي حمد الله . قال المروذي : إن رجلا عطس عند أبي عبد الله رضي الله عنه فلم يحمد الله فانتظره أبو عبد الله أن يحمد الله فيشمته ، فلما أراد أن يقوم قال له أبو عبد الله : رضي الله عنه كيف تقول إذا عطست ؟ قال أقول الحمد لله ، فقال له أبو عبد الله : يرحمك الله .

قال في الآداب : وهذا يؤيد ما سبق يعني من كون بعض الأصحاب كان يذكر خبر من سبق العاطس بالحمد أمن من الشوص إلخ ويعلمه الناس قال وهو متجه والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية