غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : فيما يجوز به التداوي وما لا يجوز .

( و ) إنما يباح الدواء حيث ( لم تتيقن ) ، واليقين المراد به العلم هنا وهو في الأصل إزاحة الشك ، وعرفوه بأنه حكم الذهن الجازم المطابق للواقع ( فيه ) أي الدواء الذي تتداوى به ( حرمة مفرد ) من مفرداته ، فإن كان الدواء بمحرم أو في مفرداته شيء محرم حرم وفاقا لأبي حنيفة ومالك رضي الله عنهما . وكذا الشافعي في المسكر . ولا فرق في المحرم بين كونه مأكولا وغيره من صوت ملهاة وغيره ، ونقله الجماعة في ألبان الآتن وفي الترياق والخمر ، ونقله المروذي في مداواة الدبر بالخمر . ولو أمره أبوه بشرب دواء بخمر وقال أمك طالق ثلاثا إن لم تشربه حرم شربه . نعم يجوز التداوي ببول إبل فقط . ذكره جماعة .

( تنبيه ) : الذي جزم به في الإقناع والغاية أنه يحرم بمحرم أكلا وشربا سماعا وبسم وتميمة وهي خرزة أو خيط ونحوه يتعلقها . وقال في الغاية : ترك التداوي في حق نفسه أفضل . فعلى هذا ترك تداوي عبده وأمته وزوجته ليس بأفضل والله أعلم .

وروى أبو داود عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله تعالى أنزل الداء والدواء ، وجعل لكل داء دواء ، فتداووا ولا تتداووا بحرام } ورواه البيهقي وهو حسن . كما قال في الآداب . وفي الفروع عن البلغة : لا يجوز التداوي بخمر في مرض ، وكذا بنجاسة أكلا وشرابا وظاهره يجوز بغير أكل وشرب وأنه يجوز بطاهر .

وفي الغنية لسيدنا الشيخ عبد القادر رضي الله عنه يحرم بمحرم كخمر وشيء نجس . وذكر أبو المعالي : يجوز اكتحاله بميل ذهب وفضة ، وذكره شيخ الإسلام ; لأنها حاجة ويباحان لها ، ولا بأس بالحمية . نقله حنبل ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية