غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
وأما التفريط في العلم فيشمل الكذب فيه ، وعدم العمل به ، وتعليمه لمن ليس بأهل له ، وعدم صيانة ناموسه فيه .

فأما الكذب فقد قال الله تعالى { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا } والآيات في ذلك كثيرة .

وفي البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال { من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } هذا روي عن عدة من الصحابة حتى بلغ مبلغ التواتر .

وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين الكاذبين } .

وأما عدم العمل به فقد قال تعالى { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } .

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان [ ص: 56 ] يقول { اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعوة لا يستجاب لها } رواه مسلم والترمذي والنسائي .

وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه فيدور بها كما يدور الحمار برحاه - فتجتمع أهل النار عليه فيقولون يا فلان ما شأنك أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن الشر وآتيه } .

وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم { مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار ، قلت من هؤلاء يا جبريل ؟ قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون } .

وروي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { الزبانية أسرع إلى فسقة القراء منهم إلى عبدة الأوثان ، فيقولون يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان ؟ فيقال لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم } رواه الطبراني وأبو نعيم وقال غريب . قال الحافظ المنذري : ولهذا الحديث مع غرابته شواهد .

وعن صهيب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما آمن بالقرآن من استحل محارمه } رواه الترمذي وقال ليس بالقوي .

وقد قال صلى الله عليه وسلم { لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه } رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .

وقال صلى الله عليه وسلم { رب حامل فقه غير فقيه ، ومن لم ينفعه علمه ضره جهله . اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه } رواه الطبراني في الكبير من حديث ابن عمر وفيه شهر بن حوشب وثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي والنسوي ، وروى له مسلم مقرونا ، واحتج به غير واحد وجرحه آخرون .

التالي السابق


الخدمات العلمية