غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يقتل الكلب العقور وإن الكلب الأسود البهيم يتميز على الكلاب بثلاثة أحكام .

قال الإمام الزاهد سيدنا عبد القادر قدس الله روحه في الغنية : الكلب العقور يحرم اقتناؤه قولا واحدا ، ويجب قتله لدفع شره عن الناس ، وقال أبو البركات : الكلب الأسود البهيم يتميز عن بقية الكلاب بثلاثة أحكام : قطع الصلاة بمروره ، وتحريم صيده واقتنائه ، وجواز قتله . قال في الآداب الكبرى : البهيم الذي لا يخالط سواده شيء من البياض في إحدى الروايتين حتى لو كان بين عينيه بياض فليس ببهيم ولا تعلق به هذه الأحكام ، هذا قول ثعلب ، والرواية الأخرى بهيم ، وإن كان بين عينيه بياض ، وهو الصحيح لما روى مسلم عن جابر مرفوعا : { عليكم بالأسود البهيم ذي الطفيتين ، فإنه شيطان } .

الطفية خوص المقل شبه الخطين الأبيضين منه بالخوصتين ، فإن كان البياض منه في غير هذا الموضع ، فليس ببهيم رواية واحدة ; لأنه مقتضى الاشتقاق ولم يرد [ ص: 44 ] فيه نص بخلافه ، وهل يقتل الكلب العقور ، والأسود البهيم وجوبا كما صرح به الموفق أو استحبابا ، أو إباحة ، أقوال آخرها أصحها . قال في الإقناع بعد ذكر الحية ، والفأر ، والكلب العقور ونحوها : يستحب قتلها وقتل كل ما كان طبعه الأذى ، وإن لم يوجد منه أذى كالأسد والنمر والذئب ، والفهد وما في معناها انتهى .

وقدم في الآداب الكبرى يباح قتل الكلب العقور ، والأسود البهيم ، والوزغ ، كذا قاله غير واحد قال : وليس مرادهم حقيقة الإباحة ، والتعبير بالاستحباب أولى ، وقطع به في المستوعب في محظورات الإحرام ، وكذا كل ما فيه أذى في الحرم وغيره . قالت عائشة رضي الله عنها { : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل خمس فواسق في الحل ، والحرم : الغراب ، والحدأة ، والعقرب ، والفأر ، والكلب العقور } . رواه البخاري ومسلم .

وروى مسلم من حديث ابن عمر مرفوعا { لا جناح على من قتلهن في الحرم } ، والإحرام ، وعبر بالاستحباب جماعة ممن تكلم على الأحاديث .

وذكر الأصحاب إباحة قتل الكلب العقور ، والأسود البهيم في غير موضع ، وصرح الإمام الموفق وغيره ، وإن كانا معلمين ، فإنه قال : وأما قتل ما لا يباح إمساكه من الكلاب بأن كان أسود بهيما ، أو عقورا أبيح قتله ، وإن كانا معلمين قال : وعلى قياس الكلب العقور كل ما آذى الناس وضرهم في أنفسهم وأموالهم ، ثم صرح الموفق بوجوب قتل الكلب العقور ، والأسود البهيم .

قال أبو الخطاب : الأمر بالقتل يقتضي النهي عن إمساكه وتعليمه والاصطياد به ، وقد علمت أن المذهب عدم حل صيد الأسود البهيم والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية