غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في كراهة الأخذ ، والإعطاء ، والأكل والشرب باليد اليسرى :

وأخذ وإعطاء وأكل وشربه بيسراه فاكرهه ومتكئا دد ( و ) يكره تنزيها على المعتمد ( أخذ ) باليد اليسرى ( و ) يكره أيضا ( إعطاء ) باليد اليسرى ( و ) يكره أيضا ( أكل وشربه ) أي شرب الشارب ( بيسراه ) أي بيده اليسرى ( فاكرهه ) أي اكره كل ذلك لنهي الشارع عليه الصلاة والسلام عنه في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { : لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بها ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها قال : وكان نافع يزيد فيه ولا يأخذ بها ولا يعط بها } رواه مسلم والترمذي بدون الزيادة ورواه مالك وأبو داود [ ص: 92 ] بنحوه .

وأخرج ابن ماجه بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : ليأكل أحدكم بيمينه وليشرب بيمينه وليعط بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله ويأخذ بشماله } .

وأخرج الإمام أحمد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : من أكل بشماله أكل معه الشيطان ، ومن شرب بشماله شرب معه الشيطان } .

قال في الآداب الكبرى : ذكر ابن عبد البر وابن حزم أن الأكل بالشمال محرم لظاهر الأخبار . وقال ابن أبي موسى من أصحابنا : وإذا أكلت ، أو شربت فواجب عليك أن تقول : بسم الله وتناول بيمينك . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه : كلام ابن أبي موسى فيه وجوب التسمية والتناول باليمين فينبغي أن يقول : يجب الاستنجاء باليسرى ومس الفرج بها دون اليمنى ; لأن النهي في كليهما وارد ، انتهى .

وفي الإقناع كغيره : وتسن التسمية على الطعام والشراب ، إلى أن قال : وأن يأكل بيمينه ومما يليه ويكره تركهما ، والأكل والشرب بشماله إلا من ضرورة ، ومراده كغيره بالضرورة الحاجة إذ الكراهة تزول بالحاجة .

وفي الإقناع كالآداب الكبرى ، وإن جعل بيمينه خبزا وبشماله شيئا يأتدم به ، وجعل يأكل من هذا كره . وعبارة الآداب : وجعل يأكل من هذا ومن هذا كما يفعله بعض الناس منهي عنه كما هو ظاهر الخبر ; لأنه أكل بشماله ولما فيه من الشره وغيره لا سيما إذا كره أن لا يتناول لقمة حتى يبلع ما قبلها . وذكر الإمام ابن عقيل ، وكذا القاضي والشيخ عبد القادر قدس الله سره أن تناول الشيء من يد غيره باليمنى مستحب قالوا : وإذا أراد أن يناول إنسانا توقيعا ، أو كتابا فليقصد بيمينه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية