غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يبتدئ رب الطعام بالأكل ما لم يكن أفضل منه .

قال في الآداب الكبرى ، ويبدأ بهم الأكبر ، والأعلم لما في صحيح مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال { : كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده } وتقدم . ( ولكن رب ) أي صاحب ( البيت ) المقدم لإخوانه الطعام ( إن شاء يبتدئ ) بالأكل ; لأنه طعامه فلا يحرج عليه فيه ، ولعل الأولى له عدم الابتداء إذا كان ثم من هو أفضل منه حتى يبتدئ الأفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة ، فإن عمومه يشمل ما إذا كان الطعام من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن غيره . وعلى الحالتين المبتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا ظاهر والله أعلم .

ومن ذلك قصة سيدنا إبراهيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسلم لما قدم للملائكة المقربين العجل الحنيذ يعني المشوي على الحنذ ، وهو الرضف السمين ، فإنه قد روي أنه مد يده وأكل ولم تأكل الملائكة الكرام فقالت له زوجته : يا إبراهام ما بال أضيافك لا يأكلون ؟ فقال لهم : عليه الصلاة والسلام ألا تأكلون ; بصيغة العرض والتلطف ، فلما امتنعوا من أكل الطعام خاف منهم عليه الصلاة والسلام ولم يظهر لهم ذلك فعلمت الملائكة ما أوجسه من الخوف في نفسه عليه السلام . فأظهرت له ذلك وبشروه بالغلام والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية