غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
. مطلب : في إباحة الأكل من بيت القريب والصديق من مال غير محرز .

الرابع : قال الحجاوي في شرح هذه المنظومة : يباح الأكل من بيت القريب والصديق من مال غير محرز إذا علم أو ظن رضا صاحبه بذلك نظرا إلى العادة ، وما يذكر عن الإمام أحمد رضي الله عنه من الاستئذان فمحمول على الشك في رضا صاحبه أو على الورع . قال الإمام الحافظ ابن الجوزي رحمه الله ورضي عنه : إن الله سبحانه أباح الأكل من بيوت القرابات المذكورين لجريان العادة ببذل طعامهم .

فإن كان الطعام وراء حرز لم يجز هتك الحرز . ومثله في الآداب الكبرى قال ابن الجوزي : وكان الحسن وقتادة يريان الأكل من طعام الصديق بغير استئذان جائزا . قلت : والمذهب خلافه كما جزم به في الإقناع ، والمنتهى ، والغاية .

وعبارتهم : ولا يجوز الأكل بغير إذن صريح ، أو قرينة ، ولو من بيت قريبه ، أو صديقه ، ولو لم يحرزه عنه .

واستدلوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا { من دخل على غير دعوة دخل سارقا وخرج مغيرا } رواه أبو داود ، ولأنه مال غيره فلا يباح أكله بغير إذنه .

[ ص: 153 ] قال في الفروع : وظاهر كلام ابن الجوزي يجوز ، واختاره شيخنا قال : وهو أظهر ، وجزم به القاضي في المجرد ، وابن عقيل في الفصول في آخر الغصب فيمن كتب من محبرة غيره يجوز في حق من ينبسط إليه .

والدعاء إلى الوليمة ، أو تقديم الطعام إذن في الأكل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه { إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فذلك إذن } رواه الإمام أحمد وأبو داود .

وقال ابن مسعود فيما رواه الإمام أحمد : إذا دعيت فقد أذن لك . وأما الدعاء فليس إذنا في الدخول في ظاهر كلامهم . جزم به في الإقناع ، والمنتهى خلافا للمغني . ونصوص الإمام أحمد صريحة في اعتبار الإذن والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية