غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في كراهة تشبيه الرجل بالأنثى وعكسه :

وللرجل اكره لبس أنثى وعكسه وما حظره للعن فيه بمبعد

( وللرجل ) ، وهو الذكر البالغ ( اكره ) كراهة تحريم على الأصح كما جزم به في الإقناع ، والمنتهى وغيرهما ( لبس أنثى وعكسه ) بأن تلبس أنثى لبس رجل ، وهي مسألة تشبه الرجل بالأنثى وعكسه في اللباس وغيره فقدم الناظم الكراهة ، ثم قال رحمه الله تعالى ( وما حظره ) أي منعه وحرمته ( ل ) أجل الـ ( لعن ) الوارد عن حضرة سيد الأولين ، والآخرين عليه الصلاة والسلام ( فيه ) أي تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال [ ص: 170 ] بمبعد ) ، بل هو قريب ، فإنه صلى الله عليه وسلم { لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ، والمتشبهات من النساء بالرجال } رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما { ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبس المرأة ، والمرأة تلبس لبس الرجل } رواه الإمام أحمد وأبو داود قال في الآداب الكبرى : إسناده صحيح ، وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

وروى الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما { أن امرأة مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلدة قوسا فقال : لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال } الحديث . وفي رواية للبخاري { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال ، والمترجلات من النساء } قال الحافظ المنذري : المخنث بفتح النون وكسرها من فيه انخناث ، وهو التكسر والتثني كما يفعله النساء لا الذي يأتي الفاحشة الكبرى .

وأخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال { لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء ، والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال ، وراكب الفلاة وحده } .

وروى الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا { أربعة لعنوا في الدنيا ، والآخرة وأمنت الملائكة : رجل جعله الله ذكرا فأنث نفسه وتشبه بالنساء ، وامرأة جعلها الله أنثى فتذكرت وتشبهت بالرجال ، والذي يضل الأعمى ، ورجل حصور ، ولن يجعل الله حصورا إلا يحيى ابن زكريا } .

وروى البزار ، والحاكم ، وقال صحيح الإسناد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : ثلاثة لا يدخلون الجنة : العاق لوالديه ، والديوث ، ورجلة النساء } . قال الحافظ المنذري : الديوث بفتح الدال المهملة وتشديد المثناة تحت هو الذي يعلم الفاحشة في أهله ويقرهم عليها . قلت : وهو في حديث عمار رضي الله عنه مفسر في المرفوع ولفظه { ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا : الديوث ، والرجلة من النساء ، ومدمن الخمر . قالوا يا رسول الله : أما مدمن الخمر فقد عرفناه ، فما الديوث ؟ قال [ ص: 171 ] الذي لا يبالي من دخل على أهله . قلنا : فما الرجلة من النساء ؟ قال : التي تتشبه بالرجال } رواه الطبراني . قال الحافظ المنذري : ورواته لا أعلم فيهم مجروحا . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية