غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في أنواع جببه صلى الله عليه وسلم وما أهدي إليه .

( تنبيهان ) :

( الأول ) { : كان يلبس المصطفى صلى الله عليه وسلم جبة رومية ضيقة الكمين في السفر } .

روى أبو الشيخ { عن دحية رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من الشام } . والرومية والشامية شيء واحد ، ; لأن الشام يومئذ في حكم الروم . { وكان يلبس صلى الله عليه وسلم جبة كسروانية غير رومية } . فقد روى مسلم والنسائي وابن سعيد عن عبد الله مولى [ ص: 181 ] أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال { أخرجت إلينا أسماء جبة من طيالسة لها لبنة من ديباج كسرواني . وفي لفظ كسروانية وفروجها مكفوفة به . وفي لفظ وفرجاها مكفوفان بالديباج فقالت : هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها ، فلما توفي كانت عند عائشة رضي الله عنها ، فلما توفيت عائشة قبضتها فنحن نغسلها للمريض منا إذا اشتكى وفي لفظ للمرضى ونستشفي } .

وروى أبو داود الطيالسي عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال { توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله جبة صوف في الحياكة } . وروى أبو الشيخ عنه قال { خيطت لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من صوف أنمار فلبسها فما أعجب بثوب ما أعجب به ، فجعل يمسه بيده ويقول انظروا ما أحسنه ، وفي القوم أعرابي فقال : يا رسول الله هبها لي فخلعها فدفعها في يده } . { وأهدى له أكيدر دومة جبة من سندس منسوج فيها الذهب ، فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فعجب الناس منها ، فقال أتعجبون من هذه فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن منها وأهداها إلى عمر ، فقال يا رسول الله أتكرهها وألبسها ؟ فقال يا عمر إنما أرسلت بها إليك وجها تصيب بها . وذلك قبل أن ينهى عن الحرير } . رواه النسائي عن أنس .

{ وأهدى ملك الروم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شقة من سندس فلبسها قال أنس : فكأني أنظر إلى يديها ثديان من طولهما ، فجعل القوم يقولون : يا رسول الله أنزلت عليك من السماء ؟ فقال : وما تعجبون منها والذي نفسي بيده إن منديلا من مناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها ، ثم بعث بها إلى جعفر بن أبي طالب فلبسها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لم أعطكها لتلبسها . قال فما أصنع بها ؟ قال : ابعث بها إلى أخيك النجاشي } . رواه ابن سعد من حديث أنس رضي الله عنه . وروى ابن قانع عن داود بن داود { أن قيصر أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من سندس ، فاستشار أبا بكر وعمر ، فقالا يا رسول الله [ ص: 182 ] نرى أن تلبسها يكبت الله بها عدوك ويسر المسلمون ، فلبسها وصعد المنبر فخطب وكان جميلا يتلألأ وجهه فيها ، ثم نزل فخلعها فلما قدم عليه جعفر وهبها له } . .

التالي السابق


الخدمات العلمية