غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في اختلاف الناس في نسبة الصوفية .

( الثاني ) : اختلف الناس في نسبة الصوفية لماذا ؟ فقيل : للبسهم الصوف لاختيارهم الفقر . وقال الإمام ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس : نسبت الصوفية إلى صوفة ، وذلك أن أول من انفرد بخدمة الله تعالى عند البيت الحرام رجل يقال له صوفة ، واسمه الغوث بن مرصوفة فنسبوا إليه لمشابهتهم إياه في الانقطاع إلى الله تعالى ، ثم روى بسنده إلى محمد بن عبد الغني بن سعيد الحافظ قال : سألت وليد بن قاسم إلى أي شيء ينسب الصوفية ؟ فقال : كان قوم في الجاهلية يقال لهم صوفة انقطعوا إلى الله تعالى وقطنوا عند الكعبة فمن تشبه بهم فهو الصوفي .

وقيل على الأول إنما سمي الغوث بن مرصوفة ; لأنه كان لا يعيش لأمه أولاد ، فنذرت لئن عاش لها ولد لتعلقنه برأسه ولتجعلنه ربيطا بالكعبة ، ففعلت فقيل له صوفة ولولده من بعده ، وزعم بعضهم أنهم منسوبون لأهل الصفة ، وهي سقيفة اتخذها ضعفاء الصحابة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان قبل الإسلام حي يقال لهم صوفة يخدمون الكعبة فقيل الصوفة نسبة لهم يعني أن أهل الصفة لزموا القطون في المسجد الشريف كهؤلاء الذين لزموا المقام لخدمة الكعبة . وقيل لتجمعهم كما يتجمع الصوف ، وقيل لخشوعهم كصوفة مطروحة ، أو للينهم كالصوفة . وقيل إنه من صفاء قلوبهم ، أو من المصافاة ، وصحح هذا القول السبتي فقال :

تخالف الناس في الصوفي واختلفوا جهلا فظنوه مشتقا من الصوف     ولست أنحل هذا الاسم غير فتى
صافى فصوفي حتى سمي الصوفي



التالي السابق


الخدمات العلمية