غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
وللرصغ كم المصطفى فإن ارتخى تناهى إلى أقصى أصابعه قد ( وللرصغ ) بالصاد المهملة . وفي نسخ بالسين المهملة ، وهما لغتان ، وهو بضم الراء وسكون المهملة وغين معجمة مفصل ما بين الكف والساعد كما في النهاية يعني العظم الذي يلي الأصبع الوسطى ، وأما ما يلي الإبهام فكوع بضم الكاف ويقال فيه كاع .

والطرف الذي يلي الخنصر يسمى كرسوعا وما يلي إبهام الرجل يسمى بوعا .

ونظم ذلك بعضهم فقال :

    فعظم يلي الإبهام كوع وما يلي
لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط     وعظم يلي إبهام رجل ملقب
ببوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط

مطلب : كان كم المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ كان ( كم ) وهو بضم الكاف كما في القاموس مدخل اليد ومخرجها من الثوب . والجمع أكمام وكممة . وأما بالكسر فوعاء الطلع وغطاء للنور ( المصطفى ) هو اسم من أسماء نبينا صلى الله عليه وسلم ومعناه الخالص من [ ص: 237 ] الخلق ، ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم خير الخلائق كافة ( فإن ارتخى ) كمه صلى الله عليه وسلم ( تناهى ) في ارتخائه ( إلى أقصى ) أي أطراف ( أصابعه ) الشريفة جمع أصبع تذكر وتؤنث ، وذكر ابن مالك فيها عشر لغات : فتح الهمزة مع فتح الباء ، وضمها وكسرها ، وضم الهمزة مع فتح الباء ، وضمها وكسرها ، وكسر الهمزة مع فتح الباء ، وضمها وكسرها .

والعاشرة أصبوع بضم الهمزة والباء وبعدها واو وقول الناظم رحمه الله تعالى ( قد ) أي فقط .

وأشار بأحد شطري هذا البيت إلى ما رواه أبو داود والنسائي والترمذي عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها قالت { كان كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ } .

وبالشطر الثاني إلى ما رواه الحاكم وصححه وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس قميصا وكان فوق الكعبين ، وكان كمه إلى الأصابع } ولفظ أبي الشيخ { يلبس قميصا فوق الكعبين مستوي الكمين بأطراف الأصابع } .

وروى البزار برجال ثقات عن أنس وأبو سعيد الأعرابي عن ابن عباس والنسائي عن أسماء وابن الأعرابي عن يزيد العقيلي رضي الله عنهم قالوا { كان كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ } .

وأخرج ابن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس قميصا وكان كماه مع الأصابع } .

( تنبيهان ) :

( الأول ) : قال في السيرة النبوية للشمس الشامي : هذا الحديث - يعني حديث الكم إلى الرسغ - مخصوص بالقميص الذي كان يلبسه في السفر .

وكان يلبس في الحضر قميصا من قطن فوق الكعبين وكماه مع الأصابع .

ذكره في شرح السنن .

ثم أورد حديث ابن عباس السابق انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية