غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الثاني ) في صيانة المساجد عن أنواع الأذى .

قال في الآداب الكبرى : يسن أن يصان كل مسجد عن كل وسخ وقذر وقذاة ومخاط وبصاق ، فإن بدره شيء من ذلك أخذه بثوبه .

قال في الرعاية : ويسن أن يصان أيضا عن تقليم الأظفار وقص الشارب ونتف الإبط .

وفي المستوعب : يستحب تنزيه المسجد عن القذاة .

والبصقة في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها إن كانت بأرضه وكانت أرضه حصباء ونحوها ، وإلا مسحها بثوبه أو غيره ، ولا يكفي تغطيتها بحصير .

وإن لم يزلها فاعلها لزم غيره إزالتها بدفن أو غيره .

وإن كانت على حائط وجب إزالتها .

ويستحب تخليق موضعها لفعله عليه الصلاة والسلام .

ففي الصحيحين وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنه ما قال { بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على [ ص: 308 ] الناس ثم حكها قال وأحسبه قال فدعا بزعفران فلطخه به وقال إن الله - عز وجل - قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبصق بين يديه } ورواه ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه { أنه صلى الله عليه وسلم لما رأى النخامة أقبل على الناس فقال : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه إذا بصق أحدكم فليبصق عن شماله أو ليقل هكذا في ثوبه يعني يبصق في ثوبه ثم يدلكه } .

وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعا عند ابن خزيمة { إن أحدكم إذا قام فإنما يستقبل ربه ، والملك عن يمينه فلا يبصق بين يديه ولا عن يمينه }

وفي الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها } ورواه الإمام أحمد من حديث أبي أمامة رضي الله عنه بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { التفل في المسجد سيئة ، ودفنه حسنة } .

وأخرج أبو داود وابن حبان في صحيحه عن أبي سهلة السائب بن خلاد - من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - ورضي عن أبي سهلة قال { : إن رجلا أم قوما فبصق في القبلة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ : لا يصلي لكم هذا فأراد بعد ذلك أن يصلي لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : نعم وحسبت أنه قال : إنك آذيت الله ورسوله } ورواه الطبراني في الكبير بإسناد جيد عن حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وأن الصلاة كانت صلاة الظهر ، فلما كانت صلاة العصر منعوه ، وفيه { فآذيت الله والملائكة } .

التالي السابق


الخدمات العلمية