غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : يحرم البيع والشراء في المسجد قال في الإقناع : ويحرم فيه البيع والشراء والإجارة للمعتكف وغيره ، فإن فعل فباطل .

ويسن أن يقال لمن يبيع أو يشتري فيه لا أربح الله تجارتك ، وهذا المذهب .

وقيل يكره البيع والشراء فيه لا أنهما يحرمان ، قطع به ابن عقيل في الفصول والسامري في المستوعب وابن أبي عمر في آخر كتاب البيع .

وحكي عن بعض العلماء أنه لا بأس به .

فعلى التحريم في الصحة وجهان المذهب عدمها وقيل بلى .

ولا يجوز التكسب في المسجد بالصنعة كخياطة وغيرها قليلا كان أو كثيرا لحاجة وغيرها .

قاله في الإقناع وقال : ولا يجوز أن يتخذ المسجد مكانا للمعاش وقعود الصناع والفعلة فيه ينتظرون من يكتريهم بمنزلة وضع البضائع فيه ينتظر من يشتريها ، وعلى ولي الأمر منعهم من ذلك لما روي عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { خصال لا ينبغين في المسجد : لا يتخذ طريقا ، ولا يشهر فيه سلاح ولا ينبض فيه بقوس ، ولا ينثر فيه نبل ، ولا يمر فيه بلحم نيء ، ولا يضرب فيه حد ، ولا يقتص فيه من أحد ، ولا يتخذ سوقا } رواه ابن ماجه .

وروى منه الطبراني في الكبير { لا تتخذوا المساجد طرقا إلا لذكر أو صلاة } وإسناد الطبراني لا بأس به .

قوله " ينبض فيه بقوس " يقال انبض القوس بالضاد المعجمة إذا حرك وترها لترن .

والنيء بكسر النون وهمزة بعد الياء ممدودا ، هو الذي لم يطبخ وقيل : لم ينضج والله أعلم .

وإن وقفوا خارج أبوابه فلا بأس .

قال الإمام أحمد رضي الله عنه : لا أرى لرجل إذا دخل المسجد إلا أن يلزم نفسه الذكر والتسبيح فإن [ ص: 310 ] المساجد إنما بنيت لذلك وللصلاة ، فإذا فرغ من ذلك خرج إلى معاشه .

قال أي في الإقناع : ويصان عن عمل صنعة يكره اليسير لغير التكسب كرقع ثوبه وخصف نعله ، سواء كان الصانع يراعي المسجد بكنس ونحوه أو لم يكن .

وذكر في الآداب الكبرى روايتين : الحرمة والكراهة ، ونقلهما في الفروع والإنصاف وغيرهما ، والمراد غير الكتابة فإن الإمام أحمد رضي الله عنه سهل فيها .

قال الحارثي : لأن الكتابة نوع تحصيل للعلم فهي في معنى الدراسة .

ويخرج على ذلك تعلم الصبيان للكتابة فيه بشرط أن لا يحصل ضرر بحبر ، وما أشبه ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية