غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : حكم رفع الصوت في المسجد ويسن أن يصان عن لغط ، وكثرة حديث لاغ ورفع صوت بمكروه .

وظاهر هذا عدم الكراهة إذا كان مباحا أو مستحبا ، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي .

وقال في الغنية : يكره إلا بذكر الله - تعالى .

ومذهب مالك كراهة ذلك .

قال أشهب : سئل مالك عن رفع الصوت في المسجد في العلم وغيره ، قال : لا خير في ذلك في العلم ولا في غيره ، ولقد أدركت الناس قديما يعيبون ذلك على من يكون بمجلسه ، ومن كان يكون ذلك في مجلسه كان يعتذر منه ، وأنا أكره ذلك ، ولا أرى فيه خيرا ، انتهى .

وأما ما اشتهر على الألسنة من قولهم { : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الحديث في المسجد } ، وبعضهم يريد المباح { يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش } ، وبعضهم يقول { كما تأكل النار الحطب } فهو كذب لا أصل له .

قال في المختصر : لم يوجد .

وذكره القارئ في موضوعاته .

قال ابن عقيل في الفصول : ولا بأس بالمناظرة في مسائل الفقه والاجتهاد في المسائل إذا كان القصد طلب الحق ، فإن كان مغالبة ومنافرة دخل في خبر الملاحة والجدال فيما لا يعني ، ولم يجز في المساجد .

فأما الملاحة في غير العلوم فلا تجوز حتى في غير المساجد ; { لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ليلة القدر فخرج ليعلم الناس - فتلاحى رجلان في المسجد فرفعت } ، فلو كان في الملاحة خير لما كانت سببا لنسيانها .

ولأن الله صان الإحرام عن الجدال فقال : { ولا جدال في الحج } .

[ ص: 311 ] ويسن أن يصان عن رائحة كريهة من بصل وثوم وكرات ونحوها .

وإن دخله استحب إخراجه .

ومثله من به بخر وصنان قوي .

ومثله إخراج الريح فيه من دبره فهو مكروه .

وأما ما يذكره بعض من لا علم له بالمنقول من أن الإنسان إذا خرج من دبره ريح ، وهو بالمسجد يتلقاه ملك بفمه ، ويخرج به إلى خارج المسجد ، فإذا تفوه به مات الملك ، فهو كلام باطل لم أقف له على أصل يسند إليه والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية