غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في بيان أشياء يحرم فعلها في المسجد وتمنع منه حائض ونفساء مطلقا .

قال في الإقناع : والأولى أن يقال : يجب صونه عن جلوسهما فيه .

وأما المرور فيه فيسن صونه عن ذلك بأن لا يجعل طريقا إلا لحاجة .

قال : وكونه طريقا قريبا حاجة .

وكذلك الجنب بلا وضوء .

ويحرم الجماع فيه .

وقال ابن تميم : يكره الجماع فوقه والتمسح بحائطه ، والبول عليه .

وجوز في الرعاية الوطء فيه وعلى سطحه .

والمذهب حرمة ذلك كله ما لم يكن هواء المسجد ليس بمسجد ، مثل أن يبني بيتا فوق بيت ثم يجعل السفل منهما مسجدا دون الأعلى ، فهذا لا يحرم الوطء فيه .

وأما إذا كان السطح تابعا للمسجد فيحرم الوطء عليه والله أعلم .

ويمنع من البول فيه ، ولو في إناء ، والفصد والحجامة والقيء ونحو ذلك .

وإن بال خارجه وجسده فيه دون ذكره كره .

ومفهومه : إذا كان ذكره في المسجد حرم ; لأن الهواء تابع للقرار .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه كما في الفتاوى المصرية عن رجل مجاور في مسجد ، وليس به ضرر ، والسقاية بالقرب منه ، فهل له أن يبول في وعاء في المسجد ، والحالة هذه ؟ أجاب رضي الله عنه : ليس له أن يبول في وعاء في المسجد ، والله أعلم .

[ ص: 316 ] وسئل إذا كان في المسجد بركة يغلق عليها باب المسجد لكن يمشي حولها دون أن يصلي حولها ، هل يحرم البول عندها ؟ أجاب رضي الله عنه : هذا يشبه البول في المسجد في القارورة .

ومن الفقهاء من نهى عنه ; لأن هواء المسجد كقراره في الحرمة .

ومنهم من يرخص للحاجة .

قال : والأشبه أن هذا إذا فعل للحاجة فقريب ، وأما اتخاذ ذلك مبالا ومستنجى فلا .

والله أعلم .

وبعض مشايخنا فصل تفصيلا حسنا وهو مرادهم أن نحو البركة إن جعل حولها بالوعة ومثل المطهرة التي تجعل في المسجد ، فإن كان وضعها متقدما على المسجد أو مساويا في الوضع أبيح في المطهرة ، وما أعد لذلك ، وإن كان حدث ذلك بعد وضع المسجد فهو مسجد ، وله حكمه في جميع الأحكام ، والله أعلم .

وليس للناس استعمال حصر المسجد وقناديله في أغراضهم كالأعراس والأعزية ونحو ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية