غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : حكم حفر البئر في المسجد .

وأما مسألة حفر البئر فجزم في الإقناع والمنتهى بعدم جواز ذلك . قال في شرح المنتهى : ولو للمصلحة العامة ; لأن البقعة مستحقة للصلاة فتعطيلها عدوان .

وفي الإقناع يتوجه جواز حفر بئر إن كان فيه مصلحة ، ولم يحصل به ضيق ، وجزم به في الغاية .

قال في الفروع : ويحرم حفر بئر فيه ، ولا تغطى بالمغتسل ; لأنه للموتى وتطم .

نقل ذلك المروذي .

وفي الرعاية في إحياء الموات أن الإمام أحمد لم يكره حفرها فيه يعني المسجد ثم قال : قلت بلى إنه كره الوضوء فيه . انتهى كلامه في الفروع .

وقال في الإنصاف : يحرم حفر بئر في المسجد ، فإن فعل طم ، نص عليه في رواية المروذي .

ثم نقل كلام الفروع بالحرف ثم قال : وقال الحارثي في الغصب : وإن حفر بئرا في المسجد للمصلحة العامة فعليه ضمان [ ص: 319 ] ما تلف بها ; لأنه ممنوع منه إذ البقعة مستحقة للصلاة فتعطيلها عدوان .

ويحتمل أنه كالحفر في السابلة لاشتراك المسلمين في كل منهما ، فالحفر في إحداهما كالحفر في الأخرى ، فيجري فيه رواية ابن ثواب بعدم الضمان . انتهى .

فهذا تحرير هذه المسألة .

والمختار من هذا المنقول ما اعتمده الشيخ مرعي في غايته من جواز حفر البئر وغرس الشجرة للمصلحة الراجحة حيث كانتا في غير بقع المصلين .

وهذا - إن شاء الله تعالى - عين اليقين ، فإن مساجد بلادنا لا تتم مصالحها بها لا سيما حفر الآبار ، فإن كون البئر في المسجد من أعظم مصالحه وأكبر الأسباب المعينة على العبادة .

وهذا الذي عليه العمل في سائر بلادنا وغيرها في زماننا ، ومنذ أزمان ، والله ولي الإحسان .

والخلاف إنما هو في تجديد الآبار ، وأما ما كان سابقا فحكمه كحكم الشجرة ، وإن جهل الحال فالأصل عدم التجديد ، ووضع الأشياء على الوجه الشرعي حتى يثبت بالوجه الشرعي وضعها على خلاف الشرعي والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية