غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : هل يجوز ذكر الإنسان بما يكره إذا كان لا يعرف إلا به ؟ :

واعلم أن الكلام في الإنسان بما يكره قد لا يكون غيبة محرمة ، كأن يكون لا يعرف إلا بلقبه كالأعرج والأعمش . وقد سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن رجل يعرف بلقبه إذا لم يعرف إلا به ، فقال رضي الله عنه : الأعمش إنما يعرفه الناس هكذا ، فسهل في مثل هذا إذا كان قد [ شهر . وقال في شرح خطبة مسلم : قال العلماء من أصحاب الحديث والفقه وغيرهم : يجوز ذكر الراوي بلقبه وصفته ونسبه الذي يكرهه إذا كان المراد تعريفه لا تنقيصه للحاجة كما يجوز الجرح للحاجة .

[ ص: 107 ] قال في الآداب الكبرى : ويمتاز الجرح بالوجوب فإنه من النصيحة الواجبة بالإجماع . وفي المستوعب : الهجران الجائز هجر ذوي البدع ، أو مجاهر بالكبائر ولا يصل إلى عقوبته ولا يقدم على موعظته أو لا يقبلها ، ولا غيبة في هذين في ذكر حالهما .

قال في الفصول : ليحذر منه أو يكسره عن الفسق ، ولا يقصد به الإزراء على المذكور والطعن فيه ولا فيما يشاور فيه من النكاح أو المخاطبة . قال أبو طالب : سئل أبو عبد الله يعني الإمام أحمد رضي الله عنه عن الرجل يسأل عن الرجل يخطب إليه فيسأل عنه فيكون رجل سوء فيخبره مثل ما { أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لفاطمة : معاوية عائل ، وأبو جهم عصاه على عاتقه } ، يكون غيبة إن أخبره ؟ قال : المستشار مؤتمن يخبره بما فيه وهو أظهر ، ولكن يقول ما أرضاه لك ونحو هذا أحسن .

وعن الحسن بن علي أنه سأل الإمام أحمد عن معنى الغيبة يعني في النصيحة ، قال إذا لم ترد عيب الرجل . وقال الخلال : أخبرني حرب سمعت أحمد رضي الله عنه يقول : إذا كان الرجل معلنا بفسقه فليست له غيبة .

وقال أنس والحسن : من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة فيه . قال في الآداب الكبرى : الأشهر عنه يعني الإمام أحمد الفرق بين المعلن وغيره .

وظاهر الفصول والمستوعب أن من جاز هجره جازت غيبته . قال ومرادهما والله أعلم ومن لا فلا .

وقد احتج الإمام البخاري على غيبة أهل الفساد وأهل الريب بقوله عليه الصلاة والسلام في عيينة بن حصن لما استأذن عليه { بئس أخو العشيرة } .

التالي السابق


الخدمات العلمية