غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : فيما يقال عند الانتباه من النوم : وقل في انتباه والصباح وفي المسا ونوم من المروي ما شئت ترشد ( وقل ) أيها العبد الموفق لاقتفاء سنن المصطفى ( في ) وقت ( انتباه ) من الأذكار الواردة عن النبي المختار ، ما لعله يزيل عن قلبك الرين ، ويمحو عن عين بصيرتك الغين ، فإنها لداء الذنوب دواء ، ولمرض القلوب شفاء ، لصدورها عن الذي لا ينطق عن الهوى ، ولبروزها من مشكاة من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى .

مطلب : أذكار الانتباه من النوم .

فمما ورد من أذكار الانتباه من النوم ما روى البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من تعار من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له ، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته } .

قوله : من تعار بتشديد الراء المهملة ، أي استيقظ من الليل وله صوت . وفي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال : لا إله إلا أنت سبحانك اللهم أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك ، اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } ورواه الحاكم وقال : [ ص: 367 ] صحيح على شرط الشيخين .

الزيغ : الميل ، يقال أزاغ الله القلب إذا أماله عن الهدى والإيمان . وروى الإمام أحمد واللفظ له وأبو داود والنسائي وابن السني وغيرهم عن ربيعة بن عمرو ، ويقال ابن الغاز الجرشي قال { سألت عائشة رضي الله عنها فقلت : ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل وبم كان يستفتح ؟ قالت : كان يكبر عشرا ، ويحمد عشرا ، ويهلل عشرا ، ويستغفر عشرا ، ويقول : اللهم اغفر لي واهدني وارزقني عشرا اللهم إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب عشرا } . وقال أبو داود : { سبحان القدوس عشرا } .

وفي رواية : { سبحان الملك القدوس } . وقال بدل ويحمد عشرا ويقول : { سبحان الله وبحمده عشرا } وفيه { كان إذا استيقظ من منامه قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور } أي الإحياء للبعث يوم القيامة . وروى ابن السني وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا استيقظ أحدكم فليقل الحمد لله الذي رد علي روحي ، وعافاني في جسدي ، وأذن لي بذكره } . قال في شرح أوراد أبي داود : صححه بعض الحفاظ . وروي عنه أيضا رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما من رجل ينتبه من نومه فيقول : الحمد لله الذي خلق النوم واليقظة ، والحمد لله الذي بعثني سالما سويا أشهد أن الله يحيي الموتى ، وهو على كل شيء قدير ، إلا قال الله : صدق عبدي } .

( فائدة ) : روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب كل عقدة عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ ، وذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة أخرى ، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان } : وقافية الرأس : آخره ، ومنه سمي آخر بيت الشعر قافية .

وفي رواية لابن ماجه { فيصبح نشيطا طيب النفس قد أصاب خيرا ، وإن [ ص: 368 ] لم يفعل أصبح كسلان خبيث النفس لم يصب خيرا } ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه وزاد في آخره { فحلوا عقدة الشيطان ، ولو بركعتين } .

قال في شرح أوراد أبي داود : قال العلماء : وهذه عقد حقيقة كعقد السحر ، وقيل : هو قول يقوله ، وقيل فعل يفعله ، قيل هو من عقد القلب ، فكأنه يتوسوس فيه ببقاء الليل ، وقيل هو مجاز كني به عن تثبيط الشيطان وتثقيله عن قيام الليل .

وقوله : عليك ليل طويل بالرفع على الابتداء ، والخبر عليك ، أو فاعل بإضمار فعل أي بقي عليك .

وفي رواية لمسلم بالنصب ليلا طويلا على الإغراء . قال : والحكمة في ذكر الله - تعالى - ودعائه عند الاستيقاظ ليكون أول عمل الإنسان توحيد الله جل جلاله ، والكلم الطيب . انتهى . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية