غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( فرع ) : الغيبة لا تفطر الصائم على الصحيح من المذهب فقها . قال الإمام أحمد : ويتعاهد صومه بصون لسانه من نحو غيبة كما في الإقناع وغيره .

وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله { من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه } رواه البخاري وغيره . وعند ابن ماجه { من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به } .

وقوله صلى الله عليه وسلم { ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث } [ ص: 115 ] رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما .

وقوله صلى الله عليه وسلم { رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع ، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر } رواه ابن ماجه وابن خزيمة والحاكم وقال على شرطهما .

وحديث { المرأتين اللتين صامتا وأنهما قد كادتا أن تموتا من العطش ، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم رسولهما يا نبي الله إنهما والله قد ماتتا أو كادتا أن تموتا . قال ادعهما . قال فجاءتا . قال فجيء . بقدح أو عس قدح عظيم وهو بضم العين وتشديد السين المهملين فقال لأحدهما قيئي فقاءت قيحا ودما وصديدا ولحما حتى ملأت نصف القدح ، ثم قال للأخرى قيئي فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملأت القدح ، ثم قال إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما ، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان من لحوم الناس } رواه الإمام أحمد واللفظ له وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وغيرهم - فمحمول على الزجر والتحذير .

قالا في الفروع : ولا يفطر بالغيبة ونحوها ، نقله الجماعة اتفاقا .

وقال الإمام أحمد رضي الله عنه : لو كانت الغيبة تفطر ما كان لنا صوم . وذكره الموفق إجماعا ، لأن فرض الصوم بظاهر القرآن الإمساك عن الأكل والشرب والجماع ، وظاهره صحته إلا ما خصه دليل .

ذكره صاحب المحرر ، يعني الإمام المجد . قال والنهي عن قول الزور والعمل به والغيبة ليسلم من نقص الأجر .

قال في الفروع : ومراده أنه قد يكثر فيزيد على أجر الصوم ، وقد يقل وقد يتساويان .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية . وهذا لا نزاع فيه بين الأئمة .

وأسقط أبو الفرج ثوابه بالغيبة ونحوها . قال في الفروع ، ومراده ما سبق وإلا فضعيف . واختار ابن حزم الظاهري يفطر بكل معصية . والمعتمد خلاف ما زعم ، مع كون الإجماع على خلافه والله الموفق . .

التالي السابق


الخدمات العلمية