غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
ولذا قال الناظم رحمه الله مشيرا إلى الوصية الثالثة :

ولا ترغبن في مالها وأثاثها إذا كنت ذا فقر تذل وتضهد

( ولا ترغبن ) نهي إرشاد كنظائره مؤكد بالنون الخفيفة ( في مالها ) أي مال الزوجة التي تريد أخذها ، فإنها تتعالى به عليك فتحصل على غاية الذل ( و ) لا ترغبن في أثاثها ) أي أثاث الزوجة التي تريد نكاحها .

قال في القاموس : الأثاث متاع البيت بلا واحد أو المال أجمع والواحدة أثاثة . انتهى ( إذا كنت ) أنت ( ذا ) أي صاحب ( فقر ) أي لست بغني فإنك إن تزوجت ذات مال مع فقرك ( تذل ) لعدم فضلك عليها وتخلفك عن تحصيل مراداتها وافتقارك لما في يدها ، فبقدر قصر يدك يطول عليك لسانها ( وتضهد ) أي تقهر .

قال في القاموس : ضهده كمنعه قهره كاضطهده وأضهد به جار عليه انتهى .

يعني أنك مع اتصافك بالذل يحصل لك أيضا من القهر والمهانة ما يحصل للطالب من المطلوب منه مع طول الزمان وكثرة الامتنان وتعدد الإحسان ، فيعكس عليك الحال ، وتحصل على الوبال .

وقد روى ابن ماجه من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي قال الإمام أحمد ليس بشيء ، وقال ابن حبان يروي الموضوعات عن الثقات ، ويدلس وقواه بعضهم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعا { لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ، ولكن تزوجوهن على الدين ، ولأمة جرباء سوداء ذات دين أفضل } .

وروى الطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا { من تزوج امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا ، ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا ، ومن تزوجها [ ص: 393 ] لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ، ومن تزوج امرأة لم يرد إلا أن يغض بصره ويحصن فرجه ويصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه } . قلت : ذكره ابن الجوزي في الموضوعات ، وقال هو ضد ما في الصحيحين { تنكح المرأة لمالها } إلخ وفيه عبد السلام بن عبد القدوس يروي الموضوعات لا يحل الاحتجاج به بحال . قاله ابن حبان وفيه عمرو بن عثمان قال النسائي : متروك .

التالي السابق


الخدمات العلمية