غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في فضل النفقة على الزوجات والعيال ولا سيما البنات .

( الرابع ) : تظافرت الأخبار في فضل النفقة على الزوجات والعيال لا سيما البنات ، فمن ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعا { دينار أنفقته في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ، ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك } .

وفي مسلم والترمذي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعا { أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ، ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله ، ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله } قال أبو قلابة : بدأ بالعيال . ثم قال أبو قلابة : وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم الله أو ينفعهم الله به ويغنيهم .

وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في في امرأتك } أي في فمها .

وفيهما عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة } . [ ص: 437 ] وروى الإمام أحمد بإسناد جيد عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة ، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة ، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة ، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة } .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا } . وفي صحيح ابن حبان عن أنس مرفوعا { إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع } زاد في رواية { حتى يسأل الرجل عن أهل بيته } .

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها { قالت دخلت علي امرأة ومعها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا فأخبرته فقال من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار } ورواه الترمذي بلفظ " من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار " .

وفي مسلم عنها رضي الله عنها قالت { جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار } . وفيه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا ، وهو وضم أصابعه } . ورواه الترمذي بلفظ { من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة كهاتين ، وأشار بأصبعيه } وابن حبان في صحيحه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من عال ابنتين أو ثلاثا ، أو أختين أو ثلاثا ، حتى يبن أو يموت عنهن ، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ، وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها }

. [ ص: 438 ] وروى الإمام أحمد والطبراني عن المطلب بن عبد الله المخزومي قال { دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا بني ألا أحدثك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت بلى يا أمه ، قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما الله أو يكفيهما كانتا له سترا من النار } .

وروى أبو داود والحاكم وقال صحيح الإسناد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده - يعني الذكور - عليها أدخله الله الجنة } .

قوله لم يئدها أي لم يدفنها حية . وكانوا في الجاهلية يدفنون البنات أحياء ، ومنه قوله تعالى { وإذا الموءودة سئلت } . وفي الباب عدة أحاديث ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية