غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( تنبيه ) : تقدم أن الذكر أفضل من الدعاء ; لأنه ثناء على الله بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه ، والدعاء سؤال العبد حاجته .

وفي الترمذي { عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه يقول إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو ملاق قرنه } .

قال الإمام ابن القيم : وهذا الحديث هو فصل الخطاب في التفضيل بين الذاكر والمجاهد ، فإن الذاكر المجاهد أفضل من الذاكر بلا جهاد ، والمجاهد الغافل ، والذاكر بلا جهاد أفضل من المجاهد الغافل عن الله ، فأفضل الذاكرين المجاهدون ، وأفضل المجاهدين الذاكرون ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } .

وقد قال بعض العارفين : لو أقبل عبد على الله كذا كذا سنة ثم أعرض عنه لحظة لكان ما فاته أعظم مما حصله .

وذكر البيهقي عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا تحسر عليها يوم القيامة } . وذكر عن معاذ بن جبل يرفعه أيضا { ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها } . وذكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان يقول : لكل شيء سقالة وإن سقالة القلوب ذكر الله عز وجل ، وما من شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله عز وجل ، قالوا ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال ولو يضرب بسيفه حتى ينقطع } [ ص: 493 ]

فإذا كان الأمر كذلك فأين الذكر من الدعاء والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية