غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
ومن فضائل التهجد أن الله عز وجل يحب أهله ويباهي بهم الملائكة ويستجيب دعاءهم . فقد روى الطبراني وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم فذكر منهم الذي له امرأة حسناء وفراش حسن فيقوم من الليل ، فيقول الله تعالى : يذر شهوته فيذكرني ولو شاء رقد . والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء أو سراء } .

[ ص: 501 ] وأخرج الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ثلاثة يحبهم الله ، فذكر منهم قوم ساروا ليلهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رءوسهم قام يتملقني ويتلو آياتي } وصححه الترمذي . وفي المسند عن ابن مسعود رضي الله عنه { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عجب ربنا من رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى الصلاة رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي } الحديث . قال الحافظ ابن رجب في اللطائف : قوله ثار ، فيه إشارة إلى قيامه بنشاط وعزم .

ويروى من حديث عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا { إن الله يضحك إلى ثلاثة نفر : رجل قام من جوف الليل فأحسن الطهور فصلى ، ورجل نام وهو ساجد ، ورجل في كتيبة منهزمة فهو على فرس جواد لو شاء أن يذهب لذهب } . وخرجه ابن ماجه من رواية مجاهد عن أبي الوداك عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الله يضحك إلى ثلاثة : الصف في الصلاة ، والرجل يصلي في جوف الليل ، والرجل يقاتل - أراه قال خلف الكتيبة } . قال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف : روينا من حديث أبان عن أنس رضي الله عنه عن ربيعة بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { ثلاثة مواطن لا ترد فيها دعوة : رجل يكون في برية حيث لا يراه أحد فيقوم فيصلي ، فيقول الله تعالى لملائكته أرى عبدي هذا يعلم أن له ربا يغفر الذنب فانظروا ما يطلب عبدي هذا ؟ فتقول الملائكة يا رب رضاك ومغفرتك ، فيقول اشهدوا أني قد غفرت له ورضيت عنه . ورجل يقوم من الليل ، فيقول الله عز وجل أليس قد جعلت الليل سكنا والنوم سباتا فقام عبدي هذا يصلي ويعلم أن له ربا ، فيقول الله لملائكته انظروا ما يطلب عبدي هذا ؟ فتقول الملائكة يا رب رضاك ومغفرتك ، فيقول : اشهدوا أني قد غفرت له وذكر الثالث الذي يكون في فئة فيفر أصحابه ويثبت هو } ، وهو مذكور أيضا في الأحاديث المتقدمة .

[ ص: 502 ] وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عقبة بن عامر رضي الله عنه { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل فيعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد فيتوضأ ، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة ، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة ، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة ، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة ، فيقول الرب عز وجل للذين وراء الحجاب انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ما سألني عبدي هذا فهو له } وتقدم في آداب الأذكار في طرفي النهار حديث الصحيحين في العقد فلا حاجة إلى إعادته . .

وفي الصحيحين { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم الرجل عبد الله ، يعني ابن عمر لو كان يصلي من الليل ، فكان عبد الله لا ينام بعد ذلك من الليل إلا قليلا } .

التالي السابق


الخدمات العلمية