صفحة جزء
المسألة الحادية والعشرون : قوله تعالى : { من بعد الصلاة } وفيه أربعة أقوال :

أحدها : بعد العصر ; قاله شريح ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، وقتادة .

الثاني : من بعد الظهر ; قاله الحسن .

الثالث : أي صلاة كانت .

الرابع : من بعد صلاتهما ، على أنهما كافران .

وقد روي في الصحيح { أن النبي صلى الله عليه وسلم حلف المتلاعنين بعد العصر وروي بعد الظهر } . [ ص: 243 ]

وفي الصحيح : { من حلف على يمين كاذبة بعد العصر لقي الله سبحانه وهو عليه غضبان } . وهذا على طريق التغليظ بالزمان .

وقد اختلف العلماء فيه اختلافا كثيرا بيناه في مسائل الخلاف وشرحنا أن حكم التغليظ يتعلق بثلاثة أوجه :

أحدها : تغليظ بالألفاظ . الثاني :

تغليظ بالمكان ، كالمسجد والمنبر ; لأنه مجتمع الناس ، فيكون له أخزى ، ولفضيحته أشهر .

الثالث : التغليظ بالزمان ، كما بعد العصر ، وسيأتي ذكر ذلك في سورة " النور " إن شاء الله .

ومن علمائنا من قال : إن التغليظ يكون بستة أوجه : الأول : باللفظ . الثاني : بالتكرار . الثالث : بالمصحف . الرابع : بالحال . الخامس : بالمكان . السادس : بالزمان .

أما التغليظ بالألفاظ ففيه ثلاثة أقوال : الأول : الاكتفاء بقوله بالله . وقال أشهب : لا تجزئه . الثاني : الاكتفاء بقوله : بالله الذي لا إله إلا هو . وقال ابن كنانة عن مالك : أما ربع دينار والقسامة ، واللعان ، فلا بد من أن يقول فيه : بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم . وهو القول الثالث ، وبه قال الشافعي .

ولقد شاهدت القضاة من أهل مذهبه يحلفون بالله الذي لا إله إلا هو ، الطالب الغالب ، الضار النافع ، المدرك المهلك ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم .

وهذا ما لا آخر له إلا التسعة والتسعون اسما ، وغير هذه الأسماء التي حلفوا بها أرهب وأعظم معنى من غيرها . [ ص: 244 ]

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح : " الحلف بالله وبالذي لا إله إلا هو ، وهو التغليظ ، وبالمصحف ; وهو مذهب الشافعي ، وهو بدعة ما ذكرها أحد قط من الصحابة ، وكل فصل يستوفى بموضعه إن شاء الله تعالى

التالي السابق


الخدمات العلمية