الآية الثامنة 
قوله تعالى : { 
لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم   } . 
فيها ثلاث مسائل :  
[ ص: 315 ] 
المسألة الأولى : 
نوح  أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم  بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات وسائر الفرائض ; كذلك في صحيح الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
ومن قال من المؤرخين : إن 
إدريس  كان قبله فقد وهم . والدليل على صحة وهمه في اتباعه صحف 
اليهود  ، وكتب الإسرائليات الحديث الصحيح { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=14064في الإسراء ، حين لقي النبي صلى الله عليه وسلم آدم  وإدريس  ، فقال له آدم    : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح . وقال له إدريس    : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح   } . 
ولو كان 
إدريس  أبا 
لنوح  على صلب 
محمد  لقال له : مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح . فلما قال له : مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح دل على أنه يجتمع معه في أبيهم 
نوح  ، ولا كلام لمنصف بعد هذا . 
المسألة الثانية : 
روي أن 
نوحا  سمي به ; لأنه ناح على قومه ، وأكثر ذلك من فعله معهم ، والنوح هو البكاء على الميت ، وكانوا موتى في أديانهم لعدم إجابتهم دعاءه لهم إلى الإيمان ، وإبايتهم عن قبولهم للتوحيد ; وهذا وإن كان الاشتقاق يعضده من وجه فإنه يرده أن ما تقدم من الأسماء قبل 
إسماعيل  لم تكن عربية . أما إن ذكر العلماء لذلك يدل على مسألة ; وهي جواز اشتقاق الأسماء للرجال والنساء من الأفعال التي يتكسبونها ، إذا لم تكن على طريق الذم ، { 
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كنى  nindex.php?page=showalam&ids=3الدوسي  من أصحابه بهرة كان يكتسب لزومها معه ، ودعاه لذلك  nindex.php?page=showalam&ids=3بأبي هريرة    } ، في أمثال لهذا كثيرة من آثار النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والعلماء نبهنا عليه . 
فإن قيل : وأي مدح في لزوم الهرة ؟ قلنا : لأنها من الطوافين والطوافات يصغى لها الإناء ، ولا تفسد الماء إذا ولغت فيه ، وفيها منفعة عظيمة تكف إذاية الفأر ، وما يؤذي الإنسان من الحشرات .  
[ ص: 316 ] 
المسألة الثالثة : 
قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب    : سمعت 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا  يقول : الطوفان الماء ، والجراد كان يأكل المسامير ، وإن سفينة 
نوح  أتت 
البيت  في جريانها فطافت به سبعا . 
وإنما قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  هذا لوجهين : أحدهما : أن جماعة من المفسرين روت عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة  عن النبي صلى الله عليه وسلم { 
أن الطوفان هو الموت   } . 
وحقيقة الطوفان وهو الثاني أنه مصدر من طاف ، أو جمع ، واحدته طوفانة ، فقد قال سبحانه : { 
فطاف عليها   } الآية . .