صفحة جزء
[ ص: 362 ] المسألة الثامنة : في تنقيح الأقوال بالعرف : أما العرف : فالمراد به هاهنا المعروف من الدين المعلوم من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الأعمال ، المتفق عليه في كل شريعة التي أمهاتها وأصولها الثلاث التي يقال إن جبريل نزل بها : أن تصل من قطعك ، فلا شيء أفضل من صلة القاطع فإنه يدل على كرم النفس ، وشرف الحلم ، وخلق الصبر الذي هو مفتاح خيري الدنيا والآخرة .

وفي الأثر : { ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها } .

وقال : { أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح } .

والذي يبين ذلك الحديث الصحيح الذي خرجه الأئمة واللفظ للبخاري : قال علي بن أبي طالب : { بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية استعمل عليها رجلا من الأنصار ، وأمرهم أن يطيعوه ، فغضب ، فقال : أليس أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني ؟ قالوا : بلى . قال : فاجمعوا حطبا . فجمعوا . فقال : أوقدوا لي نارا . فأوقدوها . فقال : ادخلوها . فهموا ، وجعل بعضهم يمسك بعضا ويقولون : فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار . فما زالوا حتى خمدت النار ، وسكن غضبه ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها ، إنما الطاعة في المعروف } ، يريد الذي يجوز في الدين موقعه ويثبت فيه حكمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية