المسألة الثانية : إذا عرفتم أن الغنيمة هي ما أخذ من أموال الكفار ; فإن الله قد حكم فيها بحكمه ، وأنفذ فيها سابق علمه ، فجعل 
خمسها للخمسة الأسماء ، وأبقى سائرها لمن غنمها   ; ونحن نسميها ، ثم نعطف على الواجب فيها فنقول : أما 
سهم الله ففيه قولان   : أحدهما : أنه وسهم الرسول واحد ، وقوله : { 
لله   } استفتاح كلام ، فلله الدنيا والآخرة والخلق أجمع . 
الثاني : روي عن 
أبي العالية الرياحي  قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=27779كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة ، يكون أربع أخماسها لمن شهدها ، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله للكعبة  ، وهو سهم الله ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم   } . 
وأما سهم الرسول فقيل : هو استفتاح كلام ، مثل قوله : لله ، ليس لله منه شيء ولا للرسول ، ويقسم الخمس على أربعة أسهم : سهم 
لبني هاشم  ، 
ولبني المطلب  سهم ، ولليتامى سهم ، والمساكين سهم [ ولابن السبيل سهم ] ; قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    . 
وقيل : هو للرسول ، ففي كيفية كونه له أربعة أقوال : فقيل : لقرابته إرثا ، وقيل : للخليفة بعده ، وقيل : هو يلحق بالأسهم الأربع ، وقيل : هو مصروف في الكراع والسلاح ، وقيل : إنه مصروف في مصالح المسلمين العامة ; قاله 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    .  
[ ص: 402 ] 
وأما 
سهم ذوي القربى فقيل : هم 
قريش  ، وقيل : 
بنو هاشم    [ وقيل 
بنو هاشم    ] 
وبنو المطلب    ; وهو قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    . 
وقيل : ذهب ذلك بموت النبي صلى الله عليه وسلم ويكون لقرابة الإمام بعده . 
وقيل : هو للإمام يضعه حيث يشاء . 
وأما 
سهم اليتامى فإن اليتيم من فيه ثلاثة أوصاف : موت الأب ، وعدم البلوغ ، ووجود الإسلام أصلا فيه أو تبعا لأحد أبويه ، وحاجته إلى الرفد . 
وأما المسكين فهو المحتاج . 
وأما ابن السبيل فهو الذي يأخذه الطريق محتاجا ، وإن كان غنيا في بلده . 
المسألة الثالثة : في التنقيح : أما قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية  فليس من النظر في المرتبة العالية ; فإن الأرض كلها لله ملكا وخلقا ، وهي لعباده رزقا وقسما . 
وأما الرسول فهو ممن أنعم عليه وملكه . 
ولكنه ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قال : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=34617ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود فيكم   } . 
وهذا يعضد قول من قال : إنه يرجع في مصالح العامة . 
وأما قول من قال : إنه يرجع لقرابته إرثا فإنه باطل بإجماع من الصحابة ، فإن 
 nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة  رضي الله عنها أرسلت تطلب ميراثها من 
أبي بكر  ، فقال لها : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { 
nindex.php?page=hadith&LINKID=37780نحن لا نورث ، ما تركناه صدقة   } .  
[ ص: 403 ] وقد بينا ذلك في مسائل الأصول ، وسائر الأقوال دعاوى لا برهان عليها . 
أما سهم ذوي القربى فأصحها أنهم 
بنو هاشم  ، 
وبنو المطلب  ، وسائر الأقسام صحيحة في الأقوال والتوجيه . 
وقد روي عن 
ابن القاسم  ، 
وأشهب  ، 
وعبد الملك  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك  أن الفيء والخمس يجعلان في بيت المال ، ويعطي الإمام قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما . 
وروى 
ابن القاسم  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك    : أن الفيء والخمس واحد .