صفحة جزء
الآية السادسة عشرة قوله تعالى : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون } .

[ ص: 421 ] فيها تسع مسائل :

المسألة الأولى : أمر الله سبحانه وتعالى بإعداد القوة للأعداء بعد أن أكد في تقدمة التقوى ; فإن الله تعالى لو شاء لهزمهم بالكلام ، والتفل في الوجوه ، وحفنة من تراب ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه أراد أن يبلي بعض الناس ببعض ، بعلمه السابق وقضائه النافذ ; فأمر بإعداد القوى والآلة في فنون الحرب التي تكون لنا عدة ، وعليهم قوة ، ووعد على الصبر والتقوى بأمداد الملائكة العليا .

المسألة الثانية : روى الطبري وغيره : عن عقبة بن عامر ; قال : { قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر : { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل } ; فقال : ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي } ثلاثا .

وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع ، قال : { مر النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالسهام ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ارموا بني إسماعيل ، فإن أباكم كان راميا ، وأنا مع بني فلان . قال : فأمسك أحد الفريقين بأيديهم ، فقال رسول الله : ما لكم لا ترمون ؟ قالوا : وكيف نرمي ، وأنت معهم ، فقال رسول الله : ارموا وأنا معكم كلكم } . زاد الحاكم في رواية : { فلقد رموا عامة يومهم ذلك ، ثم تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضا } .

[ ص: 422 ] وروى البخاري عن { علي قال : ما رأيت رسول الله يفدي رجلا بعد سعد ، سمعته يقول : ارم فداك أبي وأمي } .

وروى الترمذي ، وأبو داود ، والنسائي ، عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير ، والرامي به ، ومنبله } . وفي رواية : { والممد به ، فارموا واركبوا ، ولأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا ، ليس من اللهو ثلاث : تأديب الرجل فرسه ، وملاعبته أهله ، ورميه بقوسه ونبله . ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها } .

وقد شاهدت القتال مرارا فلم أر في الآلة أنجع من السهم ، ولا أسرع منفعة منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية