صفحة جزء
المسألة السابعة : في محل الجزية أربعة أقوال :

الأول : أنها تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو غيرهم .

الثاني : قال ابن القاسم : إذا رضيت الأمم كلها بالجزية قبلت منهم .

الثالث : قال ابن الماجشون : لا تقبل .

الرابع : قال ابن وهب : لا تقبل من مجوس العرب ، وتقبل من غيرهم .

[ ص: 478 ] وجه من قال : إنها تقبل من أهل الكتاب عربا كانوا أو غيرهم تخصيص الله بالذكر أهل الكتاب .

وأما من قال : إنها تقبل من الأمم كلها فالحديث الصحيح في كتاب مسلم وغيره عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المؤمنين خيرا . ثم قال : اغزوا باسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا . وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال ، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم : ادعهم إلى الدخول في الإسلام ، فإن فعلوا فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول عن دارهم إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم بأنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين ، وعليهم ما على المهاجرين ; فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ، فإن هم أبوا فسلهم الجزية ، وإن هم أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم } .

وذكرنا في الحديث في البخاري وغيره من الصحيح { أن عمر توقف في أخذ الجزية من المجوس ، حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر } .

ووجه قول ابن وهب أنه ليس في العرب مجوس ; لأن جميعهم أسلم ، فمن وجد منهم بخلاف الإسلام فهو مرتد ; يقتل بكل حال إن لم يسلم ، ولا يقبل منه جزية .

[ ص: 479 ] والصحيح قبولها من كل أمة ، وفي كل حال عند الدعاء إليها والإجابة بها .

المسألة الثامنة : [ محل الجزية ] : ومحلها من المشركين الأحرار البالغون العقلاء دون المجانين ، وهم الذين يقاتلون ، دون النساء والصبيان لذلك .

واختلف في الرهبان ; فروى ابن وهب عن مالك أنها لا تؤخذ منهم .

قال مطرف ، وابن الماجشون : هذا إذا لم يترهب بعد فرضها ، فإن فرضت ، لم يسقطها ترهبه .

وهذا مبني على قول أبي بكر : وستجد قوما حبسوا أنفسهم لله ، فذرهم وما حبسوا أنفسهم له ، فإذا لم يهيجوا ، ولم يقتلوا لم تطلب منهم جزية ; لأنها بدل عن القتل .

التالي السابق


الخدمات العلمية