صفحة جزء
المسألة الحادية عشرة : اختلف العلماء فيما وجبت الجزية عنه ; فقال علماء المالكية : وجبت بدلا عن القتل بسبب الكفر .

وقال بعض الحنفية بقولنا .

[ ص: 481 ] وقال الشافعي : بدلا عن حقن الدم وسكنى الدار .

وقال بعضهم من أهل ما وراء النهر : إنما وجبت بدلا عن النصرة بالجهاد .

واختاره القاضي أبو زيد ، وزعم أنه سر الله في المسألة .

واستدل علماؤنا على أنها عقوبة [ بأنها ] وجبت بسبب الكفر ، وهو جناية ; فوجب أن يكون مسببها عقوبة ; ولذلك وجبت على من يستحق العقوبة ، وهم البالغون العقلاء المقاتلون .

وقال أصحاب الشافعي : الدليل على أنها وجبت بدلا عن حقن الدم ، وسكنى الدار أنها تجب بالمعاقدة والتراضي ، ولا تقف العقوبات على الاتفاق والرضا .

وأيضا فإنها تختلف باليسار والإعسار ، ولا تختلف العقوبات بذلك .

وأيضا فإن الجزية تجب مؤجلة ، والعقوبات تجب معجلة ; وهذا لا يصح .

وأما قولهم : إنها وجبت بالرضا فغير مسلم ; لأن الله تعالى أمرنا بقتالهم حتى يعطوها قسرا .

وأما إنكارهم اختلاف العقوبات بالقلة واليسار فذلك باطل من الإنكار ; لأن ذلك إنما يبعد في العقوبات البدنية دون المالية ، ألا ترى أن العقوبات البدنية تختلف بالثيوبة ، والبكارة ، والإنكار ، فكما اختلفت عقوبة البدن باختلاف صفة الموجب عليه لا يستنكر أن يختلف عقوبة المال باختلاف صفة المال في الكثرة والقلة .

وأما تأجيلها فإنما هو بحسب ما يراه الإمام مصلحة ، وليس ذلك بضربة لازب فيها . وقد استوفيناها في مسائل الخلاف .

وفائدتها أنا إذا قلنا : إنها بدل عن القتل فإذا أسلم سقطت عنه لسقوط القتل .

وعند الشافعي أنها دين استقر في الذمة فلا يسقطه الإسلام كأجرة الدار .

التالي السابق


الخدمات العلمية