صفحة جزء
المسألة التاسعة : قوله تعالى { لئن آتانا من فضله لنصدقن } : دليل على أنه من قال : إن ملكت كذا فهو صدقة ، أو علي صدقة ، إنه يلزمه ; وبه قال أبو حنيفة .

وقال الشافعي لا يلزمه ذلك ، والخلاف في الطلاق مثله ، وكذلك في العتق ، إلا أن أحمد بن حنبل يقول : إنه يلزم ذلك في العتق ، ولا يلزم في الطلاق .

وظاهر هذه الآية يدل على ما قلناه خلافا للشافعي ، وتعلق الشافعي بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا طلاق قبل نكاح ، ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم } .

وسرد أصحابه في هذا الباب أحاديث كثيرة لم يصح شيء منها ، فلا معول عليه ، ولم يبق إلا ظاهر هذه الآية ، والمعاني مشتركة بيننا .

وقد حققنا المسألة بطرقها في كتاب التخليص .

وأما أحمد فزعم أن العتق قربة ، وهي تثبت في الذمة بالنذر ، بخلاف الطلاق فإنه تصرف في محله ، وهو لا يثبت في الذمة .

[ ص: 556 ] وقال علماؤنا : إن كان الطلاق لا يثبت في الذمة فإن القول ينعقد من المتكلم إذا صادف محلا ، وربطه بملك ، كما لو قال رجل لامرأته : إن دخلت الدار فأنت طالق ، فإن القول ينعقد ويصح ويلزم ، وإذا دخلت الدار وقع الطلاق بالقول السابق له ، اللازم المنعقد ، المضاف إلى محل صحيح تصح إضافة الطلاق إليه ، وهي الزوجة ; فكذلك إذا قال لها : إذا تزوجتك فأنت طالق ، وإذا ملكت هذا العبد فهو حر ; لأنه أضاف التصرف إلى محله في وقت يصح وقوعه فيه ; فيلزمه كما لو قال لزوجته : إذا دخلت الدار فأنت طالق ، أو قال لعبده : إذا دخلت الدار فأنت حر .

التالي السابق


الخدمات العلمية