صفحة جزء
المسألة الرابعة : قوله تعالى { ولا تصل على أحد منهم } الآية : نص في الامتناع من الصلاة على الكفار ، وليس فيه دليل على الصلاة على المؤمنين .

وقد وهم بعض أصحابنا فقال : إن الصلاة على الجنازة فرض على الكفاية ، بدليل قوله : { ولا تصل على أحد منهم مات أبدا } فنهى الله عن الصلاة على الكفار ، فدل على وجوبها على المؤمنين ، وهذه غفلة عظيمة ; فإن الأمر بالشيء نهي عن أضداده كلها عند بعض العلماء لفظا ، وباتفاقهم معنى .

فأما النهي عن الشيء فقد اتفقوا في الوجهين على أنه أمر بأحد أضداده لفظا أو معنى ، وليست الصلاة على المؤمنين ضدا مخصوصا للصلاة على الكافرين ; بل كل طاعة ضد لها ، فلا يلزم من ذلك تخصيص الصلاة على المؤمنين دون سائر الأضداد .

المسألة الخامسة : صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ابن أبي اختلف فيها على ثلاثة أقوال :

الأول : ما تقدم من أنه خير فاختار .

الثاني : ما روي أنه فعل ذلك مراعاة لولده ، وعونا له على صحة إيمانه ، إيناسا له [ ص: 560 ] وتأليفا لقومه ; فقد روي { أنه لما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلم من الخزرج ألف رجل } .

الثالث : ما روى أبو داود عن عكرمة عن ابن عباس قال : { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي ابن سلول ، فقال : قد كنت أسمع قولك ، فامنن علي اليوم ، وكفني بقميصك ، وصل علي . فكفنه رسول الله بقميصه ، وصلى عليه . قال ابن عباس : فالله أعلم أي صلاة هي ، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يخادع إنسانا قط . قال عكرمة : غير أنه قال يوم الحديبية كلمة حسنة قال المشركون : إنا منعنا محمدا أن يطوف بالبيت ، وإنا نأذن لك . فقال : لا ، لي في رسول الله أسوة حسنة . }

قال القاضي : واتباع القرآن أولى في قوله تعالى : { إنهم كفروا بالله } الآية .

فأخبر عنه بالكفر والموت على الفسق .

وهذا عموم في الذي نزلت الآية بسببه ، وفي كل منافق مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية