صفحة جزء
المسألة الخامسة : قوله : { ولذلك خلقهم } :

فيه قولان :

أحدهما : للاختلاف خلقهم .

الثاني : للرحمة خلقهم .

والصحيح أنه خلقهم ليختلفوا ، فيرحم من يرحم ، ويعذب من يعذب ، كما قال : { فمنهم شقي وسعيد } . وقال : { فريق في الجنة وفريق في السعير } .

واعجبوا ممن يسمع الملائكة تقول : { أتجعل فيها من يفسد فيها } ، ويتوقف في معرفة ما يكون من خلق الله للفساد ، وهل يكون الفساد وسفك الدماء إلا بالاختلاف .

وقد قال أشهب : سمعت مالكا يقول في قول الله : { ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم } للاختلاف ، فقال لي : ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير . وهذا قول من فهم الآية ، كما قال عمر بن عبد العزيز حين قرأ : { ولذلك خلقهم } قال : خلق أهل رحمته ، لئلا يختلفوا . ونحوه عن طاوس ، وما اخترناه ، وأخبرنا به هو الصحيح كما تقدم ، والله أعلم . ألا ترون إلى خاتمة الآية حين قال : { وتمت كلمة ربك } ، وهي : [ المسألة السادسة ] .

[ ص: 34 ] المسألة السادسة : { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } .

ثم أخبر النبي أن أهل النار أكثر من أهل الجنة ، فقال : { يقول الله يوم القيامة لآدم : ابعث بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون للنار وواحد إلى الجنة } ; فلهذا خلقهم ، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية