صفحة جزء
الآية العاشرة :

قوله تعالى : { يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } .

فيها ثلاث مسائل :

المسألة الأولى : روي أن الفتيين لما صحباه في السجن وكلماه ، ورأيا فضله وأدبه وفهمه سألاه عن الذي قالا إنهما رأياه من أمر الخمر والخبز ، فأعرض يوسف عنهما ، وأخذ في حديث آخر يتكلم فيه معهما ، فقال لهما : { لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله } وذلك ; لأن الله كان قد علمه تأويل الرؤيا ، وذلك بين في قوله : { ولنعلمه من تأويل الأحاديث } يعني ما يكون سببا لظهور براءته ومنزلته ، وقد كان أطلعه من الغيوب على ما يخبر به عن البواطن ، حتى روي أنه كان الملك إذا أراد إهلاك أحد أرسل إليه طعاما مسموما ، فلما سألاه عما رأيا في المنام من أمر الطعام أعلمهما أنه يخبرهما بحال كل طعام يأتيهما في اليقظة والمنام ، وأقبل يبين لهما حال الإيمان والتوحيد وما هو عليه من الحق ، وما كان عليه آباؤه من قبله كذلك ، ونصب لهما الأدلة ، ثم عطف على تأويل ما رأيا ، فلما أخبرهما بالتأويل ندما على ما فعلا ، وقالا : كذبنا . فقال لهما يوسف : { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } .

التالي السابق


الخدمات العلمية