صفحة جزء
المسألة السادسة : ذكر الله الأنعام والخيل والبغال والحمير في مساق النعم ذكرا واحدا ، وذكر لكل جنس منها منفعة حسبما سردناه لكم ، ثم اختلف العلماء في الخيل منها ; هل تؤخذ الزكاة من مالكها أم لا ؟ [ ص: 125 ] فقال جمهور العلماء : لا زكاة فيها .

وقال أبو حنيفة : فيها الزكاة منتزعا من قول النبي صلى الله عليه وسلم : { الخيل ثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر } الحديث .

قال فيه : { ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها } .

واحتجوا بأثر يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { في الخيل السائمة في كل فرس دينار } . وعول أصحابه من طريق المعنى على أن الخيل جنس يسام ، ويبتغى نسله في غالب البلدان " فوجبت الزكاة فيه كالأنعام . وتعلق علماؤنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة } ، فنفى الصدقة عن العبد والفرس نفيا واحدا ، وساقهما مساقا واحدا ; وهو صحيح .

وروى الترمذي وغيره من المصنفين عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق ، إلا أن في الرقيق صدقة الفطر } .

وقد كتب معاوية إلى عمر : إني وجدت أموال أهل الشام الرقيق والخيل . فكتب إليه عمر أن دعهما ، ثم استشار عثمان ، فقال مثل ما قال عمر . [ ص: 126 ] وروي أن أهل الشام قد جمعوا صدقة خيولهم وأموالهم ، وأتوا بها عمر ، فاستشار عليا فقال : لا أرى به بأسا إلا أن تكون سنة باقية بعدك .

فأما قوله صلى الله عليه وسلم : { ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها } فيعني به الحملان في سبيل الله على معنى الندب والخلاص من الحساب .

وأما حديثهم { في الخيل السائمة في كل فرس دينار } فيرويه غورك السعدي ، وهو مجهول .

جواب آخر " قد ناقضوا فقالوا : إن الصدقة في إناثها لا في ذكورها .

وليس في الحديث فضل بينهما ، ونقيس الإناث على الذكور في نفي الصدقة ؟ فإنه حيوان يقتنى لنسله لا لدره ، لا تجب الزكاة في ذكوره ، فلم تجب في إناثه ، كالبغال والحمير . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية