صفحة جزء
[ ص: 161 ] المسألة الثالثة :

قوله تعالى : { فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } : هذه مسألة بكر . قال علماؤنا رحمة الله عليهم : إنما سمي الفعل الثاني اعتداء ، وهو مفعول بحق ، حملا للثاني على الأول على عادة العرب .

قالوا : وعلى هذا جاء قوله تعالى : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } . والذي أقول فيه : إن الثاني كالأول في المعنى واللفظ ; لأن معنى الاعتداء في اللغة مجاوزة الحد ، وكلا المعنيين موجود في الأول والثاني ; وإنما اختلف المتعلق من الأمر والنهي ; فالأول منهي عنه ، والثاني مأمور به ، وتعلق الأمر والنهي لا يغير الحقائق ولا يقلب المعاني ; بل إنه يكسب ما تعلق به الأمر وصف الطاعة والحسن ، ويكسب ما تعلق به النهي وصف المعصية والقبح ; وكلا الفعلين مجاوزة الحد ، وكلا الفعلين يسوء الواقع به : وأحدهما حق والآخر باطل .

التالي السابق


الخدمات العلمية