صفحة جزء
الآية الرابعة والأربعون قوله تعالى : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } .

فيها أربع مسائل : المسألة الأولى : في سبب نزولها : روى الترمذي وصححه عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران التجيبي قال : كنا بمدينة الروم ، فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم ، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر ، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر ، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد ، فحمل رجلا من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، فصاح الناس وقالوا : سبحان الله ، يلقي بيده إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب فقال : يأيها الناس ، إنكم لتتأولون هذه الآية هذا التأويل ، وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أموالنا قد ضاعت ، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله تعالى على نبيه يرد علينا ما قلنا : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى [ ص: 165 ] التهلكة } وكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها ، وتركنا الغزو ; فما زال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم .

التالي السابق


الخدمات العلمية