صفحة جزء
[ ص: 353 ] المسألة الثالثة : قوله تعالى : { أزواجهم } عام في كل زوجين حرين كانا أو عبدين ، مؤمنين أو كافرين ، فاسقين أو عدلين ; لعموم الظاهر ، ووجود الحاجة إلى ذلك في كل رجل وامرأة ، وتحصيل الفائدة فيه بينهما .

وقال أبو حنيفة : لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين ، واتفق الجميع على أنه لا بد أن يكونا مكلفين ; وذلك ; لأن اللعان عنده شهادة ، وعندنا وعند الشافعي أنه يمين .

وقد حققنا ذلك في مسائل الخلاف بما نكتته أن { النبي صلى الله عليه وسلم قال : لولا الأيمان لكان لي ولها شأن } ، فسماها أيمانا .

ومن طريق المعنى أن الفاسقين اللذين لا تقبل شهادتهما يلتعنان ; وهذا يدلك على أنه يمين .

فإن قيل : الدليل على أنه شهادة قوله : { فشهادة أحدهم } فجاء بالاسم الخاص بها ، ومن طريق المعنى أنه رددها خمسا ، ولو كانت يمينا ما رددت ، والحكمة في ترديدها قيامها في الأعداد مقام عدد الشهود في الزنا .

قلنا : أما ذكره تبارك وتعالى للفظ الشهادة فلا يقتضي لها حكمها لوجهين :

أحدهما : أن العادة في العرب جارية بأن يقول : أشهد بالله ، وأحلف بالله ، في معرض الأيمان دون الشهادة . وأما تكرارها فيبطل بيمين القسامة فإنها تكررت ، وليست بشهادة إجماعا .

والحكمة في تكرارها التغليظ في الفروج والدماء على فاعلها ، لعله أن يكف عنها فيقع الستر في الفروج والحقن في الدم ، والفيصل في أنه يمين ، لا شهادة أن الزوج يحلف لنفسه في إثبات دعواها ، وتخليصه عن العذاب ; وكيف يجوز لأحد أن يدعي في الشريعة أن شاهدا يشهد لنفسه بما يوجب حكما على غيره ؟ هذا بعيد في الأصل معدوم في النظر .

التالي السابق


الخدمات العلمية